قال الجنيد (العشق ألفة رحمانية كرم الله بها كل ذي روح)
وسال الاصمعي اعرابية عن الحب فقالت:
(جل والله ان يرى.. وخفي عن ابصار الورى .. فهو في الصدور كامن ككمون النار في الحجر.. ان قدحته اورى.. وان تركته توارى (وان كنت لاأؤيدها على جملتها الاخيرة)
وقال آخر :
(العشق جليس ممتع وأليف مؤنس وصاحب مالك. وملك قاهر. توارى عن الابصار مدخله.. وعمي عن القلوب مسلكه)
وله مراتب ذكرها الثعالبي في (فقه اللغة) فليس كل المحبين على نفس الدرجة من الوجد.. وليس من مراتبه بأي حال من الاحوال ما يتعلق بالشهوات (كما سبق وذكر استاذنا المتيم)
واعلم يا سيدي ان العشق فضيلة تنتج الحيلة.. وتشجع الجبان.. وتصفي ذهن الغبي.. وتطلق بالشعر لسان الاعجمي.. وهو عزيز تذل له عزة الملوك والامراء..
قيل لبعض العلماء:
ان ابنك قد عشق !!
قال : الحمد لله.. الان رقت حواشيه.. ولطفت معانيه.. وظرفت حركاته.. وجلت شمائله..
والتفت اليه وقال: واظب على المليح.. واترك القبيح
وقيل لاخر: فقال:
لابأس،، اذا عشق لطف وظرف ورق ودق
(ألم ترني لطيفة.. ظريفة.. رقيقة.. ودقيقة)
قال العباس ابن الاحنف:
وما الناس الا العاشقون ذوو الهوى *** ولاخير فيمن لايحب ويعشق
وحكي ان الملك (بهرام) كان له ولد واحد فأراد ترشيحه للملك فوجده ساقط الهمة دنيءالنفس. فسلط عليه الجواري فعشق منهن واحدة.. فأعلم الملك بهرام بذلك ففرح..
وارسل الى التي قيل انه عشقها ان تجني عليه وقولي اني لا أصلح الا لشريف النفس عالي الهمة ملك او عالم..
فلما قالت ذلك راجع العلم وما عليه الملوك من شرف الهمة حتى برع..
وقال شريك حين سئل عن العشاق: اشدهم حبا أعظمهم اجرا
وقالوا:
ارواح العشاق عطرة لطيفة. وابدانهم ضعيفة. وكلامهم ومنادمتهم تزيد في العقول وتطرب الارواح وتجلب الافراح
سئل ابو نوفل:
هل سلم من العشق احد:
قالك نعم !! الجلف الجافي الذي ليس له فضل ولاعنده فهم
واعلم حفظك الله ان الحب على 3 أوجه (والكلام هنا طبعا من وجهة نظر صباوية بحته:
1- قد يكون طرفا الحب يكن كل واحد لصاحبه الغرام (ياسلالالالالالالالالام وياسلام) وهنا فان ود احدهما ابداء عشقه للناس منعه الاخر لان شعاره في الحب(كتمانٌ).. فتراه يعرض ويلمح ولكنه لا يصرح من أجل خاطر من يهواه ولو سمح له لقال (أحبه يا ناس.. مع الاعتذار للمتيم)
2- قد يكون الحب من طرف واحد وهذه بلا شك طامة كبرى.. تجد للمحب فيها قلبا يتقطع.. ومرارة (تتفقع) وعينا تدمع.. ومحاولة مستميتة للخروج من هكذا مأزق.. فلا أظن انه يجدر بمن يعيش في هذه الحالة ان يبدي للناس حبا أبتر.
3- وقد يحب الانسان (من بعيد لبعيد) بمعنى ان يحب شخصا لا أحد يعلم انه يحبه حتى المعني بالامر.. يتابعه.. ولكن لا يصرح بالغرام
ولا أعلم ما السبب؟؟ قد يكون لخوف الفشيلة من ان يكون الاخر مشغولا بالغير.. او ان يكون المحب غير متأكد من مشاعره.. او ثقيل.. او مكابر.. وهذا – وانا اختك – ما يصحى عادة الا بعد ان تطير الطيور بارزاقها.
وعلى قولك :

وما كنت ادري قبل عزة ما البكا *** ولا موجعات القلب حتى تولت..

اما مسالة ان العشق (طاريء طرا) فمشكلة لو كان الحب طاري.. واعتقد الطاري لعب.. وبس
ومادمت به خبيرا.. فليتك تسمح لنا باختراق اسوار قلبك.. لننظر للواثق العاشق..
اما قولك انك تطير من الحرام.. فكلنا نطير عنه.. قال ابن حزم:
متى جاء تحريم الهوى عن محمد .. الخ
والله ان الحديث عن الغرام ذو شجون تستهويني بحورها.. ولكن الطباعة متعبه.. وواعلم انهلا تنجلى غمم الدنيا الا بالغرام فان له نورا في الوجه حتى لتكاد تعرف المحب من سواه..
ولكن اذا خلط بمعصية عاد وبالا على صاحبة وتحول النور كدرة..
ويظل التعلق بالله سبحانه وتعالى هو مبتغى الراشدين..
جعلنا الله واياكم منهم.. وجمعنا بمن نحب في جنات النعيم