ملاحظة: الفصلان الأول والأخير بقلم عذب الكلام.. أما الثاني والثالث فبقلم بو محمد.

الفصل الأول

الحروب!! هذه الاشباح المخيفه التي تفرز الاحقاد
الحروب!! المعاناه.. الالم.. الموت.. الدمار.. الرعب.. الحاجه الى الامن الى الحنان الى مخبأ تستكين به المساءات التي لازالت تحن الى مدائنها المزينه بالهدوء
كم قصص موت مرعبه خلفها الدمار.. وكم قصه عشق لاهبه ولدت من الدمار

وهذه اللعوب لا تعبأ بأخبار حرب ولا تهتم بما يدور بينهم من صراعات.. هي وحدها ترسم عالمها الخاص.. تغوص به.. تقطع الفيافي.. تنظم القوافي المجنونه.. لا دليل ولا هادي.. تسافر مع الرياح.. غافله عن كل الحاضر.. صامة اذنيها عن كل المهاترات.. تهيم في بحور عشق خيالي طالما ألهب لياليها.. غير عابئه بمن يحب ولا من يكره.. غير مكترثه بدمعه مذروفه او نظره حنون.. غير مهتمه بمن يتكلم او يصمت.. رافضه كل كلمه لا تتفق مع روعه احاسيها المبعثره

لكنه القدر يشعلها حربا جديده تقترب من الضاحيه التي طالما طرزها الوجد.. ضاحيه السلام التي طالما احتضنت الغرام.. وتصحو اللعوب على موكب الملك يخترق الضاحيه ايذانا بالاحتلال.. ممليا تعليماته الصارمه.. اذن ايام العز ولت.. واصبح الصمت هو الملاذ

واتكأت على تلك الصخره تنظرالى الموكب الملكي باعجاب مشوب بالحسره.. وقلبها اليقظ ينبئ بايام الاستعباد

آآآآآآه من هذا الملك.. رجل على قدر من التميز.. لم يخطر ببالها يوما ان تراه.. و هاهو امامها حقيقه بعيدة.. الا عن مجال النظر
اذن فلتقتنع برؤيته فقط
تأملته كثيرا.. مر في خيالها قصص مشابهه.. طالما اعطت لياليها الطفوليه طعما (سندريلا، الجميله والوحش، الجميله النائمه..) ولكنها ابعدت هذا الهاجس
لا.. لا.. هذه خيالات.. ما ابشع ان اغمس نفسي في خيالات
انها قصص شعارها الصبر وكثير من الحظ.. وهي لا تعشق زمن الانتظار.. هي لا تجيد فنون العشق ولا تريدها.. مااجمل الحياه حره طليقه تتوجها بشموخ الكبرياء
واستكانت لهذا الرأي.. وساد بينها وبين نفسها شي من الصمت اللذيذ والرضا
وتابعت الموكب بعينيها واصبحت متابعته ادمانا يوميا باحاسيس عجيبه فهي ترقب شموخه وكبريائه ونوبات صمته المشوبه احيانا بنظراته الغضبى.. لكنه بعيد.. بعيد.. ويبدو لها شريرا
تريد ان ترقبه عن بعد ولكن انى لها ذلك وسط هذا الزحام من الوفود التي تنتظر موكبه كل صباح.. يباغتها حزن نسائي لا تعرف دواعيه.. تصر على ان تقترب.. ان تراه عن قرب
في الغد ستجرب معه الابتسام
هي متاكده انها ساحره.. لذا فابتسامه واحدة منها كفيله بان تحيل الملك عبدا.. لذا فهي على ثقه بانه لن ينظر اليها شزرا
كيف لا وهي المحبوبه اينما حلت!!؟؟

احتضنت مخدتها علها تنام و لكن ابى النوم ان يداعب جفنيها طوال تلك الليله.. يالها من خيالات جميله بعيده عن فضول الاخرين

وفي الصباح قدم الموكب و هي تتصدر الجموع.. نعم التقت بعينيه عينيها.. فابتسمت له.. ولكنه اشاح لوجه.. اتراه لم يلحظها!!؟؟ اتراه لم ير في عينيها سر الاعجاب!!؟؟ اكانت بالنسبه له مجرد خيال ضمن الاف الخيالات التي ترقبه!!؟؟ ياله من رجل غريب الاطوار.. وتوالت المواكب وتوالى الانتظار في الصفوف المتقدمة.. وتوالى اهماله اياها تارة.. والنظر اليها مغضبا تارات.. قد يكون اراد اذلالها!!؟؟ قد يكون فؤاده مشغولا بأخرى او اخريات

وهاهي تعود للمرة الألف الى منزلها كسيفة البال تجتر احزانها.. تصعد السلالم بكل تثاقل.. تجر الخطى حاملة فؤادا مثقلا بالهموم.. تتجه بكل اعياء الى غرفتها تغلقها عليها باحكام.. وتجلس مطرقة مسندة راسها الصغير الى راحتيها.. تذرف دمعة الكبرياء المهان
لكنها اليوم تفكر بشكل مختلف.. اليوم بالذات تريد تحديد المشاعر
لم كل هذا الاهتمام به.. هل هو الشوق الى التحدي!!؟؟ هل هو رفض الانهزام العشقي!!؟؟
كم تتوق الى مساءلته.. ولكنه الملك وا لوصول اليه عسير المنال
آآآآه من هجمه الاحلام الشرسه.. آه من هذا الام المغري.. آه من فؤادها الكليم
تضيع بين القرارات.. فهذا يقول تناسيه.. وذاك يصرح انسيه.. واخر يبتسم بخبث هامسا: اصري فالنجاح يحتاج الى اراده
ويعجبها الاختيار الثالث.. ولكن النجاح يحتاج ايضا الى تنازلات
واي تنازلات سترضي الملك!!؟؟
لن يرضيه الا الغاء الذات.. وهل تعني الذات شيئا دون هذا السعير الملتهب!!؟؟

جاء قرارها حاسما: سابيع نفسي له في سوق النخاسه.. غدا ساتخلى عن عزي.. غدا سيخلع علي لقب جاريه.. آه من هذا الفؤاد المعذب.. آه على ايامي الطروب.. تذكرت ماكانت تقرأه في تلك الروايه: كل انثى تحب الهزائم الجميله.. والغارات العشقيه التي لا تسبقها صفارات انذار.. ولا تليها سيارات اسعاف وتبقى اثرها جثث العشاق ارضا

وفي فجر اليوم التالي استيقظت لتستبدل حللها بحلل احدى جواريها و تتجه الى قصره لتبيع نفسها مجانا لمن هواه قلبها تعلم انها بذلها نفسها عزيزه مادامت معه

يراها فيبتسم ابتسامه القائد المظفر حين ينهار امامه اخر حصن.. قائلا: اخيرا اتيتي.. اليوم فقط اعترف اني انتصرت

عجبت لذاكرته.. علمت انها منذ اول ابتسامه كانت تعني له شيئا.. ولكنه كبرياء الملك.. تقترب منه لتبدأ ليالي شهرزاد.. ولكن لانه لابد من ضوح النهار.. وظهر الصباح كما تحكي الروايات.. ولابد من ان تسكت شهرزاد عن الكلام المباح.. فقد صحا الملك ليجد شهرزاد قد رحلت بعد ان خلفت وراءها الى جانب مخدته رسالة مكتوبا فيها بحبر دمها

سيدي ومولاي الملك
لتعلم يا مولاي انني قد احببتك حبا ما أحببته بشر .. وتنازلت لك عما لم أتنازل عنه لبشر .. وأهديتك كبريائي مهانة تحت قدميك، معلقة برضاك، وجلة من سخطك، وأذللت نفسي في سبيل الوصول الى قلبك الذي عشقته.. مقبلة عليك ان ادنيتني .. مسترضية اياك ان اقصيتني
الا انني شعرت وأنت غافل عني في سباتك، بأنك القريب البعيد!!؟؟
القريب الى قلبي ،، البعيدعن متناولي،، فآثرت الرحيل بعيدا عن ديارك.. مخلّفة قلبي في حماك .. مستقلة بجسدي هناك
ولتعلم علم اليقين، أنني متيمة بك.. مبقية عليك في فؤادي ما شاء الله لي أن احيا
وفي الختام ،، أستودعك الله .. أيها الملك الهمام .. وعليك مني السلام
المحبة دائما : شهرزاد

الفصل الثاني

قرأ الملك الحالم الرسالة
فجن جنونه
كيف يحدث هذا!!؟؟ كيف يمر كل شيء بهذه السرعة!!؟؟ هل ستنتهي ليالي شهرزاد عند هذا الحد!!؟؟ وبأي حق تقرر شهرزاد إنهائها!!؟؟ من تظن نفسها هذه الفتاة اللعوب حتى تقرر متى تبدأ اللعب مع الملك ومتى تنهيه!!؟؟
وظل شهريار طوال يومه في غم وهم
وما أن انتصف النهار حتى كاد يفقد عقله من شدة التفكير بها
فجمع قادته.. وأمرهم بإرسال الكتاب لاقتفاء أثرها
فأخذت الكتائب تجوب القرية والقرى المجاورة
لا تترك بابا مغلقا إلا فتحته.. ولا بيتا إلا فتشته.. ولا كهفا إلا دخلته
واستمرت هذه الحال عدة أيام.. والناس لا يقر لهم قرار.. فجنود الملك لا يحترمون كبيرا ولا يعطفون على صغير.. ويدخلون البيوت من غير استئذان

ثم زاد غضب الملك.. فأمر باعتقال جميع أقارب الفتاة.. وجميع أصدقائها.. وجيرانها.. وكل من سمع بها حتى وإن لم يرها من قبل
وبدأت حملات الاعتقال ومن ثم التعذيب
ولكن
من دون فائدة
فلا أحد يعلم عنها أي شيء
بعد ذلك.. قرر الملك استخدام آخر حيلة بقيت لديه.. فأعن عن جائزة مالية ضخمة لمن يحضر الفتاة حية أو ميتة.. فتسابق أهالي القرية للبحث عن هذه ((المجرمة)) وتسليمها ليد العدالة
وباءت هذه المحاولة بالفشل كسابقاتها
ثم بدأت صحة الملك بالتراجع.. فأصبح هذا الملك القوي كالرجل الهرم الضعيف الذي لا يستطيع الحراك.. فحضر الأطباء والحكماء.. ولم يعرف أحدا الداء ولا الدواء
ووصفوا له جميع الأعشاب والمستحضرات.. ولكن حالته تحولت من سيئ إلى أسوأ
وعندما رأى الناس حال الملك.. عمت بينهم الفوضى.. وقرر مجموعة من الشباب المتحمس.. إعلان الثورة على هذا الملك المغتصب لأراضيهم.. فتجمع جيش من الثوار.. وانطلق من إحدى القرى المجاورة.. يطارد جنود الملك من قرية لأخرى
إلا أن الملك لم يحرك ساكنا.. وكأن الأمر لا يعنيه
وزادت قوات الثوار.. وتجمعت لهم الجموع
واقتربت جيوشهم من القرية التي يسكنها الملك
ولكن.. لا حياة لمن تنادي
فالملك يعيش في خيالاته وأوهامه.. ولا يرد على مساعديه ووزراءه

هل شهرزاد هي السبب في كل هذا!!؟؟
هل حبه لها أبدل قوته ضعفا وحكمته بلاهة!!؟؟
وهل شهرزاد تعلم ما الذي حدث لحبيبها الملك!!؟؟
وهل ستعود له يوما من الأيام!!؟؟

الفصل الثالث

تقدم الثوار أكثر فأكثر
فاجتمع قادة جيش الملك.. ولكنهم لم يخبروا الملك بهذا الاجتماع
فحضوره وعدمه سواء
فلم يعد ذلك الملك الحازم الحكيم
اجتمع القادة ودعوا للاجتماع هذه المرة رجلا مسنا حكيما كانوا يلجئون إليه للاستشارة في الأمور العظيمة
أخبروه بما حدث للملك.. كيف كانت حاله وكيف أصبحت.. أخبروه بخبر الفتاة التي ظهرت في حياة الملك فجأة واختفت منها فجأة كما ظهرت.. أخبروه كيف انقلبت حياة الملك بعدها رأسا على عقب.. كيف تحولت من نعيم إلى جحيم
صمت الحكيم قليلا ثم قال: حسنا أحضروا الفتاة
ضجت القاعة بكلمات الغضب والاستهزاء بهذا العمر.. فلقد فتشوا المدينة في السابق بيتا بيتا.. ولم يدعوا صخرة إلا وزحزحوها من مكانها دون فائدة.. فمن أين يحضرون الفتاة
بعد أن هدأ الجميع قال الحكيم: ابحثوا عن أكثر الفتيات شبها بها.. شوهوا وجهها وأحضروها للملك

استحسن القائدة هذه الفكرة
وأخذوا يجوبون القرية
إلى أن وجدوا فتاة شبيهة بشهرزاد.. ويا لحظ هذه الفتاة العاثر
في نفس اليوم.. جاءت كتيبة من الجيش لرؤية الملك تحمل جثمان هذه الفتاة ((المسكينة)) وجثث عدد من جنود الثوار.. واخترعوا قصة من نسج الخيال.. زعموا فيها أن ((شهرزادا)) كانت مع هؤلاء المجموعة من الثوار.. وكانت تحمل السلاح مثلهم.. ورفضت الاستسلام فاضطروا لقتالها مع الثوار وهذا ما حدث لها

نظر الملك إلى الجثة.. وسقت مغشيا عليه

حمل الملك إلى سريره.. وأخذ الحكماء يطببونه

واجتمع قادة الجيش.. على تعيين أحدهم نائبا عن الملك.. يقود الجيوش للقضاء على المتمردين لحين قيام الملك من فراشه
وتمكن هذا القائد الفذ من القضاء على الثورة في بضع شهور

وكانت صحة الملك تتحسن من يوم لآخر
وبدأ جسمه يفيض بالصحة كالسابق

عجبا لهذا الملك
هل قلبه كقلب باقي الرجال!!؟؟
هل سينسى حبه بمجرد ((موت)) شهرزاد!!؟؟
أليس في قلبه مكانا للوفاء بعد الممات!!؟؟

وذات صباح
أمر الملك بتجهيز موكب ضخم له ليجوب طرقات المدينة

فرح القادة فرحا عظيما لعودة ((مثلهم الأعلى)) لسابق عهده

واعتاد الناس على رؤية موكب الملك يجوب المدينة كل يوم

وفي يوم من الأيام
والملك جالس في موكبه المتحرك
وينظر في وجوه الناس

نظر لوجه أثار شجونه
حرك قلبه
أفقده صوابه

أيقل أن تكون هذه هي!!؟؟
هل شهرزاد مازالت حية!!؟؟
هل كذب علي قادة الجيش!!؟؟
أم أن هذه الفتاة تشبه شهرزادا فحسب!!؟؟

الفصل الرابع

راى الملك هذا الوجه في صخب الزحام فراعه الشعور الذي أحسه وبدأ قلبه بالخفقان بطريقة ماعهدها الا مع من كانت تسامره.. واستدعى وزيره.. وساره بأمر ما.. فانطلق الوزير من بين الصفوف حتى حاذى ذياك الوجه الصبوح.. اما الملك فتابع سيره وسط الموكب ولما انفض الجمع.. قفلت الفتاة عائدة والوزير يتبعها خلسة.. الى ان واراها الكوخ العتيق

وانتظر الملك الى ان سحب الليل أذياله على الكون.. وتنكروخرج طالبا مأواها.. وحين وصل كان النور الهزيل ينبعث من الشرفة الوحيدة لذاك الكوخ.. لم تسمح له أخلاقه ان يسترق النظر الى هذه الصبية داخل منزلها.. ولم تطاوعه نفسه أيضا ان يغادر المكان.. فجلس مسندا ظهره الى الجدار.. وتعالت من صدره زفرة جرت على لسانه، فتمتم

ليتني لم أعرف الحب ولم
أعشق العشق، ولم أدر مصيري

وانحدرت من فيض كبريائه دمعتان.. مسحهما بطرف كمه.. وأفاق من لوعته وقد غرق الكوخ في ظلام دامس.. فأدرك انها نامت.. وقفل راجعا الى قصره.. انه لم ينم في تلك الليلة وانما قضاها مفكرا بحيرة
أهي من كانت تشعل ليله بأحاديثها العذبة!!؟؟ ام انها شبيهة لها!!؟؟ ولم خفق قلبه لها بالذات بهذه الطريقة!!؟؟ أتراها البديل عن حب أذاب ضلوعه!!؟؟ آآآآه ما أقسى الزمان اذا دلك على طريق العشق ثم أضاعك

وبدأ ضوح الصباح.. فسارع الخطى ليلقي نظرة اخرى على من سبت عقله
اما في قرارة نفسه فكان يتمنى الا تكون هي صاحبته الاولى.. وان يكون قد خفق قلبه لحب جديد.. غير تلك التي بادلت العطاء جحودا.. والمعروف نكرانا.. كم تمنى ان يشفى من دائها
وامتلأ فؤاده بالحزن والكدر
لله كم تمنىان تكون هي تلك الجثة الهامدة التي أحضروها له يوما
تمنى ان تكون ماتت ولم تفعل به مافعلت.. وان مكانتها في فؤاده لم تتخلخل
وحين سار الموكب بين الصفوف أخذ ت عيناه تبحث عنها.. لمحها فابتسمت له وكأنها تذكره بزمان مضى.. احس بسكين تجرح صدره وتتغلغل لتفري أحشاءه
حسنا!! هاهي تعاود اللعبة مرة أخرى.. تبا لهذه الماكرة
أما تتقي الله فيه!!؟؟ انه بشر
أشاح بوجهه الذي علته الصفرة ولسان حاله يقول

ونعشق الشيء تغرينا بوادره
وفي ثناياه يغفو الشر والكدر

واكفهرت الدنيا امام ناظريه، ياترى هل يمكن ان تكون الوطنيةأملتها كيفية الانتقام!!؟؟ هل يعقل انها تريد تحطيمه باسم الحب!!؟؟ هل يمكن ان تستغل مشاعره للقضاء على حكمه لانه استعمر وطنها.. وأحال أعزة أهلها أذلة!!؟؟
وأحس براسه يكاد ينفجر من هذه الافكار المتزاحمة المتضاربة.. الا انه عندما تذكر ابتسامتها اغراه ذلك بالجرأة في الحديث معها.. ولكنه سيؤجل ذلك الى ان يهجع الخلق

وعندما حل الليل كرر مافعله في ليلته المنصرمة
هذه المرة قرع بابها يستجدي شربة ماء لعابر سبيل
وحين اقتربت منه ادرك بل تاكد انها هي.. وتبادر الى ذهنه سؤال جديد: انها لم تتركه من أجل رجل آخر.. اذن لم تركته!!؟؟
وحين ادنت اليه الماء.. ازاح الماء بيده.. ونظر في وسط عينيها قائلا: انا لاأريد ماء.. انما يطفيء ظمأي اجابتك.. انا هنا فقط لاعرف لم هجرتني!!؟؟
عرفته.. وسقط الكاس من يدهاولم تستطع النظر اليه.. ووقفت امامه كما يقف القاتل أمام جلاده ينتظر سوء المصير

لم ينتظر اجابتهافهو يعلم انها أعجز من ان تبرر موقفها.. وانما اردف قائلا: الم تصلك اخبار مرضي من جراء غيابك!!؟؟ الم تعلمي ان هجرك اوردني حوض المنية.. وأغرى بي الرعاع من الرعية!!؟؟
واستمر صمتها واطراقها
كان يود لو أمسكها وهزها بعنف لعلها تجيب.. ولكنه تحاشى ان يلمسها خوفا من ان يلين ويتراجع
وعلى ضوء السراج الخافت لمح دمعة تلمع على خدها فقال: كفكفي دموعك.. فوالله ماعادت تغريني ولاتثنيني.. واجيبي فقط.. ألم تصلك انباء مرضي.. اجيبي!!؟؟
قالت بلى ياسيدي
قال: ولم تحرك فيك ساكنا!!؟؟ لم!!؟؟ أي ذنب بالله اذنبته في حقك حتى تقتصين مني!!؟؟
قالت: لاأعلم.. ولكن هكذا المشيئة
قال: بل هكذا قلبك الصخر.. انا مغادر الان.. وفي الغدستصلك رسالتي الاخيرة.. اقرأيها وافهميها

وفي الغذ قدم رسوله اليها يحمل رسالة الملك الاخيرة

اليك.. ايتها النائية بنفسك عن الجنة
ان كنت طمعت في الحب يومافقد وهبتك اياه
وان كنت خلعت عنك رداء عزك يوما حين استعمرت بلدك وسلبتك عز الامارة.. فقد أجلستك على عرش عزي وسلمتك مفاتيح كبريائي يوم سلمتك قلبي طائعا مختارا
ولكنك والله ماقدرت النعمة حق قدرها.. لانك ولدت شقية وستموتين كذلك
انا لست نادما علىان اعطيتك مقودي.. ولكني حزين ان ينحدر مستوى من وقع اختياري عليها الى هذه الدرجة
هل يعقل ان يخونني الاختيار.. الهذه الدرجة يمكن ان يعشق فؤادي العليل قلبا لاينبض

أنت ما أنت غير سـم زعاف
ميت الروح من يمت فيه حس

خدعت بالهمس الندي فـؤادي
والفـؤاد العميد يسبيه همس

فترفع ان شئت في العيش عزا
عن هوى النفس، لاتذلك نفس

وفي النهاية ختم رسالته بقوله
ان كان عندك شيء من بقايا كرامة فارحلي عن أرضي غير مأسوف على فراقك
حبيبتي: لاكنت ولاكان الغرام