غارت نجوم الليل من فرط الجوى
والحلم ضلَّ طريقه المجهولا

يا ليلُ ! كم ليلٍ تجلى مسرعاً
مالي أراك وقد مكثتَ طويلا

جرحٌ يقطّعني ويفري مهجتي
ضيفٌ يحلُّ على الضلوع ثقيلا

جرحٌ أناخ رحاله في خافقي
فترى المدامعَ مدمناتُ هطولا

جرحٌ يئن وقد تغلغل بالحشا
والروعُ يُعْوِلُ في الفؤاد عويلا

والعزم يخذلني لخوف فراقنا
قلبي المتيمُ لا يطيق أفولا

والحزن يسكنني فما من بسمة
أمسى الفؤاد مغيّباً مذهولا

وأراكِ في سكراتِ موتٍ محْدِقٍ
فيعود عزمي خائباً وذليلا

العجز يغشاني ، ويغشى إخوتي
حتى الطبيبُ يرى المصاب جليلا

والصمت يقتلنا وكلٌّ سادرٌ
في بحر أحزانٍ أبَيْنَ قُفولا

يا ويح قلبي إن تناءت خطوة
أماه ! لا .. لا تزمعين رحيلا

أماه ! من ذا قد يؤنّس وحشتي
ويكون لي بعد الرحيل خليلا

ما كنتِ جرحاً في حياتي – منيتي –
ما كنتِ همّا في الحياة ثقيلا

بل كنتِ بعد الله حامي خطوتي
فمضيتُ دربي شامخاً مكفولا

كم ذا شَقِيتِ لكي أنام براحةٍ
وسلكتِ درباً شائكاً وطويلا

كم ليلةٍ حلّت عليَّ مخاوفٌ
فيها خشيتُ من الليالي الغيلا

وأتيتُ للأحضان أشكو رهبتي
فضممتني كيما أنامَ طويلا

وقرأتِ قرآناً عليّ مُيسّراً
فيعودُ نفثُك للهموم مزيلا

عدلٌ قضاءُ الله فينا إننا
نرجو لِمَيّتِنا رضىً وقبولا

هذا قضاءٌ نافذٌ في خلقه
إن التصبّر قد يكون جميلا

سننُ الإله تحدّثت بفراقها
قدر الإله .. فما نرى تبديلا

أَيَمُنُّ ربي بالعزاءِ على التي
كادت تكون من الفراق قتيلا

إني العليلُ وفي هواها مدنف
من ذا يداوي خافقاً معلولا

كم ذا عَشقتُ ، وكم عُشِقتُ وإنما
عن حبِّ أمي ما وجدت بديلا