رويدك أيها المظلوم إني
هجرت العشق ، ودعت النسيبا

مظاليمي كثارٌ غير أني
شرعت العتق ، أغمدت العضيبا

وودعت الغرام فعدت حرا
وعاد الحب في قلبي غريبا

ولم أُبقِ من الأشـواق إلا
طلولا ، أو لساناَ لي أريبا

فلا تسأل عن الأحوال إني
أخذت من الهوى حظا عجيبا

دنت منا قلوب مشفقات
تكاد لعطفها تضحي الطبيبا

وصيغت أجمل الأقوال فينـا
وأُهدينا الهوى سحاَّ سَكوبا

وأَسقينا الهوى خمرا صراحا
فدبّ السكر في النشوى دبيبا

وتِهنا في هواهم بعض حين
وكان القلب منصاعا منيبا

فإن راموا وصالا فهو وصل
وإن غابوا بكيناهم نحيبا

وهبناهم شهورا من شباب
فقد عادت جروحا أو ندوبا

سلام الله يا عشقا تولى
فكان هواه مسلولا عضيبا

تتيمنا به عاما ونيفا
فلا والله ليس له ضريبا

وحالت بيننا سود الليالي
وقام الدمع في الفقد الخطيبا

أيا من تعذل القلب المعنّى
تمهل ! لا أطيق المستريبا

سأذكر من صفات الخل شيئا
لتعلم أنني كنت المصيبا

فإن صفاته تسبي العذارى
حييّاً ، صادقا ، لبقا، أديبا

فلا حولٌ لقلبي إن قلبي
رعاك الله مشتعلٌ لهيبا

وإني أشتهي منه التداني
ويهوى البدر عن كوني المغيبا

بلطفٍ يقتل الأفراح فينا
هداه الله ما يرحم حبيبا

وقاه الله – دانٍ ثم ناءٍ –
كروباً ، أو هموما ، أو خطوبا

فلا والله لا أنساه دهري
ولا أنسى الهوى غضاًّ رطيبا

ألا يا طيش قلبي ، يا حبيبي
شروق الشمس تبدله غروبا ؟!

فإني ما عشقتك للتسلي
وإن كنتُ الطروب أو اللعوبا

فيا للعزّ إذ أضحى ذليلا
ويا ويل اللعوب إذا أصيبا


طوينا سالف الأيام طوعاً
وأقصينا بعـيدا أو قريبا

وودعنا الغرام فلا عهودٌ
فهذا الدهر قد أضحى مريبا

أمن أجل الهوى ننسى مقاماً
ونهدم عزنا ذاك المهيبا ؟!

وننسى أننا في القوم رأسٌ
وأن المجد كان لنا ربيبا ؟!


أيا أرض الحبيب سُقيتِ وبلا
ويا خلي ألا ضُوّعتَ طيبا

ويا ربي تجاوز عن خليلي
فإن عليه في حقي ذنوبا