مقالة
0
أقسام رئيسية
0
أقسام فرعية
0

محمد مقبل

8 أغسطس 2005

مقدمة:

منذ الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي بدأت العديد من المنظمات الكبيرة بالعمل على تحسين وتطوير عملية اختيار من يخلف كبار المسؤولين التنفيذين والتعرف المبكر على المواهب القيادية لهم، وذلك لأثرها على سلوك الأفراد والجماعات ومستوى أداءهم في التنظيم وبالتالي على تحقيق الأهداف بشكل مباشر.

فالمنظمة تستطيع قياس مدى نجاحها وكفاءتها من خلال معاملة القيادة الإدارية للأفراد العاملين، فكلما كانت القيادة كفؤة وجيدة ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المنظمة وتستطيع أن تحقق أهدافها، فالقادة أناس مبدعون يبحثون عن المخاطر لاكتساب الفرص والمكافآت.

أولا: مفهوم القيادة الإدارية وأنواعها

كثيرون هم الذين تطرقوا إلى تعريف القيادة سواء كانوا علماء أم قادة ظهروا في التاريخ، لكن القيادة لم تكن في كل هذه التعاريف موضوعا قابلا للجدل بقدر ما كانت موضوعا يستدعي الرصد المستمر والدراسة والمناقشة (كلالدة،1997، ص17)

وتعرف القيادة الإدارية بأنها النشاط الذي يمارسه القائد الإداري في مجال اتخاذ وإصدار القرار وإصدار الأوامر والإشراف الإداري على الأخرين باستخدام السلطة الرسمية وعن طريق التأثير والاستمالة بقصد تحقيق هدف معين، فالقيادة الإدارية تجمع في هذا المفهوم بين استخدام السلطة الرسمية وبين التأثير على سلوك الأخرين واستمالتهم للتعاون لتحقيق الهدف (عليوة،2001، ص45)

ويمكن تصنيف القيادة إلى (عليوة،2001، ص46):

  1. القيادة الرسمية: وهي القيادة التي تمارس مهامها وفقا لمنهج التنظيم (أي اللوائح والقوانين) التي تنظم أعمال المنظمة، فالقائد الذي يمارس مهامه من هذا المنطلق تكون سلطاته ومسؤولياته محددة من قبل مركزه الوظيفي والقوانين واللوائح المعمول بها.
  2. القيادة غير الرسمية: وهي تلك القيادة التي يمارسها بعض الأفراد في التنظيم وفقا لقدراتهم ومواهبهم القيادية وليس من مركزهم ووضعهم الوظيفي، فقد يكون البعض منهم في مستوى الإدارة التنفيذية أو الإدارة المباشرة إلا أن مواهبه القيادية و قوة شخصيته بين زملاؤه وقدرته على التصرف و الحركة و المناقشة والإقناع يجعل منه قائدا ناجحا، فهناك الكثير من النقابيين في بعض المنظمات يملكون مواهب قيادية تشكل قوة ضاغطة على الإدارة في تلك المنظمات.

وبشكل عام فإن كلا من هذين النوعين من القيادة لا غنى عنه في المنظمة فالقيادة الرسمية وغير الرسمية متعاونان في كثير من الأحيان لتحقيق أهداف المنظمة وقلما أن تجتمعان في شخص واحد.

ثانيا: هل القائد يولد أم يصنع؟

وهو تساؤل مشهور اختلفت إجابات المتخصصين عليه اختلافا واسعًا، فأكد بعضهم إلى أن القيادة موهبة فطرية تمتلكها فئة معينة قليلة من الناس، يقول وارين بينسي: “لا تستطيع تعلم القيادة، القيادة شخصية وحكمة وهما شيئان لا يمكنك تعليمهما”، وأكد آخرون أن القيادة فن يمكن اكتسابه بالتعلم والممارسة والتمرين، يقول وارن بلاك: “لم يولد أي إنسان كقائد، القيادة ليست مبرمجة في الجينات الوراثية ولا يوجد إنسان مركب داخليًا كقائد” ومثله بيتر دركر يقول: “القيادة يجب أن تتعلمها وباستطاعتك ذلك”.

والذي يتبين لنا أن القيادة تارة تكون فطرية وأخرى تكون مكتسبة، فبعض الناس يرزقهم الله تعالى صفات قيادية فطرية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للأحنف بن قيس رضي الله عنه “إنك فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، فقال الأحنف: يا رسول الله: أنا تخلقت بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: بل الله جبلك عليهما، فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله”.

ثالثا: صفات القائد الإداري

قام كلا من داني كوكس (Danny Cox) وجون هوفر (John Hoover) بدراسة على مجموعة من القادة الإداريين في بعض المنظمات واستطاعوا من خلالها تلخيص صفات القادة إلى عشر صفات هي (كوكس وهوفر، 1998، ص ص71-104):

  1. صقل المقاييس العليا للأخلاقيات الشخصية: بحيث لا يستطيع القائد الفعَال أن يعيش أخلاقيات مزدوجة إحداها في حياته العامة (الشخصية) والأخرى في العمل، فالأخلاقيات الشخصية لابد أن تتطابق مع الأخلاقيات المهنية.
  2. النشاط العالي: بحيث يترفع القائد عن توافه الأمور وينغمس في القضايا الجليلة في حال اكتشافه بأنها مهمة ومثيرة.
  3. الإنجاز: فالقائد الفعَال تكون لديه القدرة على إنجاز الأولويات، غير أن هناك فرقا ما بين إعداد الأولويات وإنجازها.
  4. امتلاك الشجاعة: فهناك فرق في الطريقة التي يتعامل بها الشخص الشجاع والشخص الخجول مع الحياة، فالشخص الجريء المقدام قد يلجأ إلى المشي على الحافة بهدف إنجاز الأعمال مع تحمله لكافة النتائج المترتبة على ذلك والمسؤولية الكاملة، في حين أن الشخص المسالم ذا الحركة البطيئة والثقيلة يعكف على المشي بحذر وعلى أطراف الأصابع بهدف الوصول إلى الموت بسلام.
  5. العمل بدافع الإبداع: يتميز القادة الفعالون بدوافعهم الذاتية للإبداع والشعور بالضجر من الأشياء التي لا تجدي نفعا أما الأفراد الذين يتمتعون بالحماس والإقدام فلن يكون لديهم الصبر لانتظار رنين الهاتف من أجل البدء بالعمل، فالقائد الفعال هو شخص مبدع خلاَق يفضل أن يبدأ بطلب المغفرة على طلب الإذن.
  6. العمل الجاد بتفان والتزام: فالقادة الفعالين يقوموا بإنجاز أعمالهم بتفان وعطاء كبير كما يكون لديهم التزام تجاه تلك الأعمال.
  7. تحديد الأهداف: فجميع القادة الفعَالين الذين تم دراستهم يمتلكون صفة تحديد الأهداف الخاصة بهم والتي تعتبر ذات ضرورة قصوى لاتخاذ القرارات الصعبة.
  8. استمرار الحماس: إن أغلب القادة يمتلكون حماسا ملهما، فهم تماما كالشعلة التي لا تنطفئ أبدا لتبقى متقدة على الدوام، فنمو القائد وتطوره يتطلب حماسا حقيقيا ملهما وإذا كان الفرد في حيرة حول الكيفية التي يمكن الحصول بها على ذلك الحماس فما عليه إذا إلا إعادة الصفات القيادية السابقة لوجود علاقة وثيقة ومتراصة بين تلك الصفات.
  9. امتلاك الحنكة: فالقائد الفعَال هو ذلك الشخص الذي يمتلك مستوى رفيعا من الحنكة بحيث يتمكن من تنظيم المواقف الفوضوية، فهو لا يتجاوب مع المشاكل بل يستجيب لها.
  10. مساعدة الأخرين على النمو: فالقادة الحقيقيون لا يسعون للتطوير والنمو الذاتي فقط، وعندما يكون جو العمل سليما وصحيا وخاليا من التفاهات يتم حينها تبادل الأفكار بحرية مما يؤدي إلى التعاون، ومن خلال هذا التعاون تصبح المنظمة والعاملون فيها جزءا متكاملا لا يتجزأ منتجين فريقا يتصدى لأقوى الفرق والمهام.

أما د. السيد عليوة حدد الصفات الشخصية والقيادية كما يلي: (عليوة، 2001، ص53):

الصفات الشخصية:

  • السمعة الطيبة والأمانة والأخلاق الحسنة.
  • الهدوء والاتزان في معالجة الأمور والرزانة والتعقل عند اتخاذ القرارات.
  • القوة البدنية والسلامة الصحية.
  • المرونة وسعة الأفق.
  • القدرة على ضبط النفس عند اللزوم.
  • المظهر الحسن.
  • احترام نفسه واحترام الغير.
  • الإيجابية في العمل.
  • القدرة على الابتكار وحسن التصرف.
  • أن تتسم علاقاته مع زملائه ورؤسائه ومرؤوسيه بالكمال والتعاون.

الصفات القيادية: كالمهارات والقدرات الفنية والتي يمكن تنميتها بالتدريب وأهمها ما يلي:

  • الإلمام الكامل بالعلاقات الإنسانية وعلاقات العمل.
  • الإلمام الكامل باللوائح والقوانين المنظمة للعمل.
  • القدرة على اكتشاف الأخطاء وتقبل النقد البناء.
  • القدرة على اتخاذ القرارات السريعة في المواقف العاجلة دون تردد.
  • الثقة في النفس عن طريق الكفاءة العالية في تخصصه واكتساب ثقة الغير.
  • الحزم وسرعة البت وتجنب الاندفاع والتهور.
  • الديمقراطية في القيادة وتجنب الاستئثار بالرأي أو السلطة.
  • القدرة على خلق الجو الطيب والملائم لحسن سير العمل.
  • المواظبة والانتظام حتى يكون قدوة حسنة لمرؤوسيه.
  • سعة الصدر والقدرة على التصرف ومواجهة المواقف الصعبة.
  • توخي العدالة في مواجهة مرؤوسيه.
  • تجنب الأنانية وحب الذات وإعطاء الفرصة لمرؤوسيه لإبراز مواهبهم وقدراتهم.

رابعا: اختيار القادة الإداريين واكتشافهم

تفشل الكثير من المنظمات في الوصول إلى صورة محددة وواضحة عن المرشحين لمراكز قيادية بسبب الخلل في الإجراءات التي تتخذها لتقييم المرشحين لتلك المراكز، فغالبا ما يؤاخذ أشخاص واعدين جدا بخطأ واحد في حين يصل المحظوظون متوسطو الكفاءة إلى المراكز العالية (الفريان، 2002، ص638).

فعملية اختيار القادة الإداريين غاية في الدقة وتتطلب عناية بالغة، لذلك فإنه يمكن أن تتم وفق القواعد التالية (عليوة، 2001، ص55):

أولا: تقدم رئاسات الأجهزة ترشيحها للأفراد الذين يتولون المناصب القيادية دون التقيد بقاعدة الأقدمية على أن تؤخذ في الاعتبار عند الترشيح القواعد والمعايير التالية:

  1. توافر الصفات المطلوبة في القائد الإداري.
  2. الكفاءة في العمل والقدرة على الإنتاج.
  3. أن تكون التقارير التي كتبت عنه طوال مدة خدمته عالية التقدير وخالية من الانحرافات.
  4. أن يكون سلوكه خارج مجتمع الوظيفة سلوكا سليما.
  5. أن يكون مارس أعمال القيادة في المستوى الإشرافي الأول بنجاح.
  6. أن يكون الاختيار النهائي مبني على نتائج التدريب.
  7. توافر الصفات العامة والخاصة التي تلزم الوظيفة المرشح لها.

ثانيا: أن يكون الترشيح قبل التعيين في الوظيفة القيادية بفترة زمنية معقولة تتيح لجهات الاختصاص تحري الدقة اللازمة في إجراء عملية الاختيار.

ثالثا: أن تعد من حين لأخر دورة تدريبية لإعداد المرشحين للمستوى القيادي المطلوب، ويتم تقييم المرشحين خلال ستة أشهر عن طريق:

  1. التقارير عن المرشح في نهاية الدورة التدريبية.
  2. التقرير الفني عن أداء وإنتاج المرشح الذي تعده رئاسته الفنية نتيجة للتفتيش الفني في أدائه.
  3. التقرير عن الكفاءة الإدارية نتيجة للتفتيش الإداري بواسطة أجهزة الرقابة المختصة.
  4. التقرير عن النواحي السلوكية والعقائدية.

ويتم تجميع التقارير المطلوبة وترفع إلى الجهة صاحبة السلطة في التعيين لإصدار القرار اللازم.

ويتأثر اختيار القائد بمؤثرات قد تختلف بعض الشيء في جوهرها عن اختيار المدير ومن أهمها (عليوة، 2001، ص56):

  1. حجم المنظمة ونوعها: فحجم المنظمة ونوعها يمكننا من خلق الظروف المواتية لصنع القائد ووجود جمع من الأتباع يساندونه.
  2. موقع المنظمة: فوجود المنظمة في منطقة مكتظة بالسكان له تأثير مخالف عن وجودها في منطقة نائية أو غير مكتظة بالسكان.
  3. نوع المشكلة التي تصنع الموقف الذي بدوره يصنع القائد: فهل هي مشكلة عامة تتعلق بالأجور والحوافز أم مشكلة فنية تتعلق بالأجهزة والآلات والمعدات، وعلى سبيل المثال فإن مشكلة استخدام معدات مستهلكة وأسلحة وذخيرة فاسدة في حرب 1948م ضد اليهود في فلسطين وما ترتب على ذلك من آثار خلفت مواقف وصنعت قيادات قامت بثورة يوليو سنة 1952م.
  4. نوع العاملين ومدى إيمانهم بمشكلتهم: أي مدى معرفتهم لأبعادها وقدرتهم على صنع القيادة بتأييدها والالتفاف من حولها وحمايتها من الضغوط التي تقع عليها والأذى الذي قد يتوقعها.
  5. المناخ المناسب لظهور القائد والقدرة على الاستمرار في الوقوف من حوله: فالمناخ الديمقراطي يساعد على ظهور القيادات كما يعاونها على الحركة أما المناخ الاستبدادي الذي يعتمد على القهر وعلى البطش فلا يساعد على ظهور القيادات وممارستها لمهامها ولكنه قد يصنعها لتعمل طويلا في الخفاء.
  6. الوقت المناسب: فكما أن المناخ يؤثر في صنع القيادات وظهورها فإن الوقت المناسب يكون له تأثير بالغ على ذلك أيضا.
  7. مقدار الوقت المتاح: يؤثر هو الآخر في صنع القيادات وظهورها، ففي المنظمات الحديثة قد لا تتاح الفرصة لصنع القيادات (بينما قد يحتاج ذلك لتلك المنظمة في الأجل الطويل(.

خامسا: الأخطاء الرئيسية في عملية التقييم

قد لا ينتج معلومات دقيقة ومتكاملة عن عملية التقييم في العديد من المنظمات مما يجعل كبار المديرين عرضة للكثير من الأخطاء عند تقييمهم للمرشحين، ومن تلك الأخطاء الرئيسية النزعة إلى المبالغة في تقدير أهمية بعض الصفات والخصائص مثل (الفريان، 2002، ص ص633- 638):

  1. المهارة في العمل كعضو في فريق: يفضل كبار المديرين الأشخاص الذين يديرون إداراتهم أو أقسامهم بسلاسة وبدون مشاكل مع العاملين ومثل هؤلاء الأشخاص عادة ما يصعدون السلالم الوظيفية بسرعة بسبب هذه الخاصية ،لأن كبار المديرين لا يريدون أن يضيعوا وقتهم في حل المشاكل و الحفاظ على الوئام بين مديري الإدارات و الأقسام وموظفيهم، إلا أن مثل هؤلاء الأشخاص لا يمكن أن يصبحوا قادة مميزين، لأن القادة المميزين ليسوا عادة لاعبين ضمن فريق بل ربما يفضلون أن يعمل الآخرون كفريق في حين أنهم يرددون الشعارات المؤيدة للفرق ،ولكن عندما يتطلب الأمر اتخاذ قرار حاسم فإنهم يدركون أنهم ليسوا في حاجة ماسة إلى الاستماع الكامل إلى الآخرين قبل القيام بخطوتهم ،فهم مستقلون في تفكيرهم ولا يمانعون في اتخاذ القرارات بأنفسهم وهي قرارات تجعلهم في عزلة عن المجموعة.
  2. التدريب الشخصي: من الاعتقادات الخاطئة و الشائعة أن القادة يمكن أن يطوروا الآخرين عن طريق التدريب الشخصي و المباشر لهم، إلا أن الكثير من القادة المتميزين يفضلون اختيار مرشحين أقوياء ومتمكنين ومن ثم إعطائهم صلاحيات كافية ومنحهم الفرص لتطوير أنفسهم من خلال تجاربهم والاستفادة من أخطائهم.
  3. البراعة في الأعمال التشغيلية: كثير من كبار المديرين يبالغون في تقدير قيمة المديرين الجيدين في أداء الأعمال التشغيلية وفي حل المشكلات لأنهم يسهلون و ييسرون عليهم العمل، وعلى الرغم من أن مثل هؤلاء قد يكونون في وضع جيد في منظماتهم، إلا أنهم غالبا لا يكونون قادة فعالين، حيث يعتمد هؤلاء المديرون الفنيون و المختصون بشكل رئيس على الأنظمة والسياسات والإجراءات فيكون هناك جمود تام ،لذا فإنهم يعتقدون أنه على كل شخص أن يعمل بنفس الأسلوب و الطريقة، فهؤلاء يمكن أن ينجحوا في منظماتهم وأن يصلوا إلى أرفع المراكز، لكن هذا الأمر قد يؤدي إلى اغتراب وانعزال الآخرين في المنظمة والحد من إبداعهم.
  4. الخطابة الفعالة: إن كبار المديرين يبالغون في أهمية كيفية الظهور أمام الناس، وبشكل خاص يركزون على مهارات الإلقاء ومع أن هذه المهارات مهمة إلا أنه يمكن أن تطور بالتدريب المكثف.
  5. الطموح الواضح: يتسبب الانطباع المتعلق بعدم وجود طموح واضح في فقد الكثير من الناس للترقيات المستحقة، ولسوء الحظ فإن كبار المديرين يغفلون عن أن طموح الشخص قد لا يكون معبرا عنه.
  6. التشابه والانسجام: كثير من كبار المديرين يفضلون الأشخاص الذين لديهم خلفيات وتجارب وصفات تشبههم، وفي بعض الأحيان فإن المرشحين الواعدين يتم تجاهلهم بسبب الاختلاف في العرق أو الجنس أو الخلفية الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الأكاديمية أو الجغرافية أو بسبب أنهم لم يتولوا مناصب في شركات متشابهة.

سادسا: المهام الأساسية للقائد المدير

لا شك أن القيادة لا تأتي بالتنصيب أو الاعتبارات الخاصة ولا تأتي بالمال أيضاً، بل هي قدرات خاصة ومواهب يعتمد عليها القائد وتضفي عليها التجارب وقوة التفكير وسعة الأفق ورحابة الصدر مهارات رائعة تجعله يمسك بزمام الأمور بثقة واقتدار بل لا بد أن يتولى القائد مهاماً أساسية في المنظمة التي يديرها حتى يصلح أن يكون في هذا المقام ،وتقسم مهام القائد في الغالب إلى قسمين:

مهام رسمية تنظيمية:

وتتلخص المهام الرسمية في مراعاة تنفيذ مبادئ التنظيم الإداري في المنظمة لكي تسير الأمور بانضباط وجدية، وأبرز هذه المهام ما يلي:

  1. التخطيط: أي رسم السياسات ووضع الإستراتيجيات وتحديد الأهداف البعيدة والقريبة، ووضع الخطط الموصلة إليها، وتحديد الموارد والإمكانات المادية والبشرية في ذلك كله. ولكي يتمكن القائد من إنجاز مهامه بشكل فاعل وناجح عليه أن يقوم بتوضيح أهداف المنظمة للعاملين معه، والاستماع إلى آرائهم حول القضايا، والتعرف إلى أهدافهم الشخصية، وليس الحصول على تعهداتهم والتزاماتهم بالمشاركة في إنجاز الأدوار والخطط فقط ، فالقيادة الناجحة و الفاعلة تقوم على القناعات الشخصية للأفراد وتحظى بالتعاطف والتعاون بإرادة ورضا، وهذا لا يتحقق في الغالب إلا إذا شعر الأفراد أن في إنجاز خطط المنظمة وتحقيق أهدافها تحقيقاً لأهدافهم وطموحاتهم أيضاً، ولو تلك الطموحات الذاتية التي يجب أن يشعر فيها الكثير من الأفراد بالاحترام والتقدير والاعتناء برأيهم والاهتمام بدورهم.
  2. التنظيم: أي تقسيم العمل وتوزيع المسؤوليات والوظائف بين الأفراد وتوزيع العاملين عليها حسب الكفاءات والخبرات والقدرات والطموحات. ولا يكون التوزيع ناجحاً إلا إذا وضع الرجل المناسب في مكانه المناسب، وهذا ما يفرض عليه أن يراعي الخبرة والتخصص والقدرة والفاعلية في الأفراد، ولعلّ أنجح أسلوب وأبقى لضمان التنظيم الأقوى هو التوزيع على أساس اللجان أو الهيئات والجماعات المستقلة التي تحظى بصلاحية التفكير والتخطيط في مهامها حسب نظام شورى مفتوح، ويبقى للمدير دور الاستشارة لأنه في هذا يضمن تفرغاً كبيراً للإدارة الأهم ويضمن للأفراد طموحاتهم واحترام آرائهم، فهذا الأسلوب يؤدي دوراً كبيراً في دفع العاملين إلى المشاركة في العمل بحماس وقناعة ويضمن التزامهم في تحقيق الأهداف وبهذا يكفي نفسه المزيد من الرقابة والقلق من التسيب والانفلات.
  3. التنسيق بين أطراف العمل وأجنحته وتوجيه الجميع للمسير باتجاه هدف المنظمة الأول والحث على الأداء بأعلى مستوى من الكفاءة والفاعلية: وهنا لابد للمدير من العمل على تذليل العقبات التي تقف أمام التنسيق وتمنع من تحققه أو تعرقل نجاحه من النزاعات الشخصية بين الأفراد أو عدم قناعة البعض الآخر المؤمن بالفردية أو الذي يصعب عليه تجاوزها للقبول بالجماعية والتنسيق، وغير ذلك من الموانع والمعرقلات التي تواجه التنسيق والتعاون، وهذا ما يتطلب منه الاتصال الدائم مع العاملين وشرح أهداف المنظمة لهم وتذكيرهم بها باستمرار لشحذ هممهم وتحفيزهم للتعاون، وبعبارة مختصرة عليه أن يعمل دائماً لخلق روح الفريق المتكامل والمتعامل المتحد الأهداف والطموحات.
  4. تشكيل شبكة من الاتصالات العمودية والأفقية: وذلك لنقل المعلومات والأفكار والقرارات والاطلاع على مجريات الأمور وتذليل الصعوبات أو معرفتها ليكون الجميع في أجواء العمل وتفهم حاجاته ومتطلباته.
  5. المتابعة والإشراف: فنجاح واستمرار الكثير من الأعمال يعود على مهمة المتابعة التي يقوم بها المدير مباشرة أو بوساطة المهام والخطط، كما تعد المتابعة المستمرة وسيلة للثواب والعقاب وأداة للإصلاح والتقويم والتطوير، وأيضاً تعد مهمة كبيرة لاكتشاف الطاقات الكبيرة من تلك الخاملة، لتحفيز الخامل وترقية الكفؤ المتحمس إلى غير ذلك من فوائد جمة، فمهمة المتابعة المتواصلة من المدير تعد من أكثر المهام تأثيراً على الإنجاز وتحقيقاً للنجاحات.

مهام غير رسمية:

تعتمد بشكل كبير على شخصيته وآفاقه وأسلوبه الشخصي في التعامل مع الآخرين، إلا أن لها الدور الكبير في تحقيق أهداف المنظمة وتطوير العاملين وتماسكهم، ومن هذه المهام:

  1. الاهتمام بالجماعات غير الرسمية: وهي عبارة عن جماعات تتكون بشكل طبيعي، وفي كل جماعة مصالح مشتركة تجمعهم بشكل اختياري أو مخطط فيعملون على فرض سياسة تخدم أهدافهم بعيداً عن شكل الإدارة الرسمي كجماعات الاختصاص العلمي أو الانتماء الإقليمي أو الديني أو غير ذلك وهنا يتوجب على القائد الاهتمام بهذه الجماعات وإقامة اتصالات جيدة معهم وذلك بهدف الاقتراب منهم والتعرف على مشكلاتهم وأفكارهم من الداخل لتذليل الصعوبات وتحقيق ما يمكن تحقيقه بما لا يضر بمصالح المنظمة بل يصب في خدمتها.
  2. الاتصال مع الجماعات المختلفة في المنظمة: بحيث يكسر الحاجز بين الطابع الرسمي الذي يفرضه العمل وغير الرسمي الذي يفرضه الشعور أو الطموح أو المصلحة المشتركة مما يجعل المدير متفهماً لمطالبهم، وبذلك يحتويهم نفسياً وفكرياً ويبعد عنهم المضايقات كما يقرب وجهات النظر معهم من خلال شرح رؤيته بلا نقل من الغير، كما يمنع من الحدس والتحليلات البعيدة عن الواقع فيحول دون الانقسامات والاضطرابات التي قد تحدث جراء هذا الخلاف وبهذا يكون قد ضمن الوحدة والتفاهم وتحقيق النجاح للجميع.
  3. المشاركة: وقد بات أنموذج الإدارة التشاركية حقيقة مفروضة على واقع المنظمات إذا أرادت الانتصار في المجالات المختلفة، وتتمثل القيادة التشاركية في إقامة العلاقات الإنسانية الطيبة بين القائد والعاملين معه واحتوائهم عاطفياً وتحسيسهم بأهميتهم وموقعهم من قلب القائد ورعايته فيجعلهم دائماً في ظله وكنفه ينعمون بالراحة والطمأنينة والثقة به، وبهذا يمنع من وجود أفراد يسبحون خارج فضاء المنظمة وإن وجد منهم فإن أسلوبه الحكيم هذا من شأنه أن يحتويهم ويرجعهم إلى الأجواء.
  4. مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات الإدارية وبحث مشكلات العمل ومعالجتها ووضع الحلول الناجحة لها بروح جماعية متوحدة: فمن الخطأ أن يتصور بعض المدراء أن مشاركة المدير للعاملين معه في الرأي والقرار يقلل من شأن المدير القائد أو ينزل من مستواه، بل الروح الجماعية المتفتحة ترفع من شأن المدير وتعطيه قوة فوق قوته وتضفي عليه احتراما وتقديراً قد لا يحصل عليه إلا بهذا الأسلوب كما تعد من أبرز عوامل نجاحه في القيادة وتأثيره على الأفراد وحفظ تماسك المنظمة وتحقيق أهدافها.
  5. درجة الرعاية التي يبديها المدير تجاه القيم والمثل الإنسانية والأخلاقية في التعامل: كقيمة الوفاء والستر على النواقص والعثرات والعفو والصفح والسماحة والكرم وغيرها من صفات إنسانية نبيلة تجعله قدوة وأسوة يحتذيها الجميع، فيسعى لتقمص شخصيتها وبذلك يحول المدير منظمته إلى مدرسة للتربية والتهذيب والتعليم وهي تمارس أدوارها اليومية في العمل.
  6. مهارة تبصر الأهداف العامة للمنظمة وربطها بأهداف المجتمع ومعالجة المشكلات الإدارية في إطار الأعراف العامة: وهذا يتطلب منه معرفة جيدة بالسياسة العامة للدولة، وتفهم كافي للاتجاهات السياسية وتبصرها والقدرة على التعامل معها بحكمة، ليكون أقدر على التوفيق بين الضغوط العامة واتجاهات المجتمع والدولة وبين نشاط المنظمة، مع إعطاء الأهمية للصالح العام.
  7. المهارة في تنظيم الوقت وإدارته: وذلك من خلال تحديد المهمات المطلوب إنجازها وتحديد الأولويات وتتابعها الإنجازي على مراحل الزمن، وتلافي الأوقات المهدورة.

سابعا: النظريات القيادية

هناك العديد من النظريات التي تناولت القيادة من جوانبها المتعددة، ومن هذه النظريات (الفياض، 1995، ص ص 27-35):

أولا: نظريات التأثير على المرؤوسين

وتتعلق بالأسباب أو الأساليب التي تمكن القادة من التأثير على مرؤوسيه، بغض النظر عن فعاليته كقائد، وهي من أوائل النظريات القيادية ومنها:

  1. السمات القيادية: وهي صفات شخصية يمتلكها القائد، مثل: القوة الجسدية والذكاء وقوة الشخصية، مما يجعل المرؤوسين يقبلوا به كقائد ويتأثروا به.
  2. القدوة: حيث يقوم المرؤوسون بتقليد قائدهم الذي يعتبرونه نموذجا لتصرفهم، وعندما لا يكون تصرف القائد قدوة، فإنه يرسخ عدم الثقة في نفوس مرؤوسيه.
  3. الحزم والإصرار: يستجيب المرؤوسين لقائدهم نتيجة حزمه في طلبه وإصراره عليه، ويكون هذا القائد عادة صريحا وواضحا في طلبه.
  4. التبرير المنطقي: القائد هنا يحمل أتباعه على الأداء المطلوب عن طريق تبريره وتسويغه لهم.
  5. التودد للمرؤوسين والثناء عليهم: بعد ذلك يطلب منهم ما يراد أداؤه، وهذا أسلوب يتبعه كل قائد لا يثق بنفسه.

ثانيا: نظريات سلوك القائد وقدراته

تطورت هذه النظريات عن سابقاتها، حيث يقول أصحابها ليس المهم حمل المرؤوسين على أداء المهمة فحسب، وإنما المهم هو فعالية هذا الأداء ومن هذه النظريات:

  1. القائد السلطوي: هو القائد الذي لديه تصميم على استخدام سلطته للتأثير على تفكير وسلوك مرؤوسيه، وأن يظهر دائما أمامهم بمظهر القوة.
  2. القائد الميال للإنجاز: بحيث يميل القائد للإنجاز والشروع بمشاريع جديدة يتم إنجازها تحت بصره.
  3. القدرة على حل المشاكل: فالقائد الفعال هو القائد القادر على حل المشاكل، ومثل هذا القائد يكون ذكيا وقادرا على وضع الخطط والإستراتيجيات وصنع القرارات الفعالة.
  4. القدرة على المبادرة: فالقائد الفعَال هو القائد القادر على الشروع بأعمال جديدة من تلقاء نفسه، ويعتبر هذا القائد ممن يثقون بأنفسهم ولديهم القدرة على المبادرة باكتشاف المشاكل والثغَرات.
  5. القدرة الفنية: بالإضافة إلى القدرات الإدارية يعتبر القائد الذي يمتلك قدرات فنية في العمل الذي يديره أكثر صلة بمرؤوسيه ممن لا يمتلك مثل هذه القدرات الفنية، وبذلك يكون هذا القائد أكثر كفاءة وأكثر فعالية.
  6. دعم المرؤوسين: فالمدير الذي يشجع مرؤوسيه ويثني عليهم ويمدحهم بشكل يساعد على رفع معنوياتهم ودفعهم لمزيد من العطاء، يكون أكثر فعالية من غيره وقد يدفع لمزيد من الأداء عن طريق رفع معايير الأداء.
  7. التغذية الراجعة: وهي خاصية مهمة لابد من توافرها لدى القائد ليكون فعالا، بحيث تمكن المرؤوسين من معرفة موقعهم وبعدهم عن الأهداف التي يسعون لتحقيقها، كما أنها تمكنهم من معرفة أداءهم الفعَال وفي ذلك تعزيز إيجابي لهم.

ثالثا: نظريات النمط القيادي

وتصف هذه النظريات نمط القائد الذي ينشأ عن مجموعة توجهات القائد وبناء على هذه النظريات فإنه يمكن أن نتنبأ بسلوك القائد مع مرؤوسيه بمجرد أن نعرف نمطه القيادي والذي قد يكون فعَالا أو غير فعال، ومن هذه النظريات:

1) أنماط استخدام السلطة: أي مدى استئثار القائد بعملية صنع القرار، وهناك العديد من النماذج التي وضحت هذه الأنماط ومنها:

أ‌- نموذج وايت وليبيت: ومن هذه الأنماط

  • السلطوي (الأوتوقراطي): حيث يحاول القائد أن يستأثر بأكبر قدر من السلطة وعلى المرؤوسين الإطاعة والاستجابة.
  • النمط المشارك: وهو النمط الفعَال في هذا النموذج حيث يشترك المرؤوسين بصنع القرار، ومن صور هذا النمط ما يسمى (الإدارة بالتجوال)، حيث يقوم القائد بجمع المعلومات من المرؤوسين أثناء الجولات التي يقوم بها على أقسام المنظمة، ويتخذ في هذا النمط قراره بأسلوبين هما:
  • القرار بالإجماع: بحيث يشجع القائد النقاش حول الموضوع، وبعد ذلك يتخذ القرار الذي يحظى بموافقة جميع الأطراف المعنية.
  • القرار الديمقراطي: القرار هنا لا يتطلب الإجماع وإنما تلزم موافقة الأغلبية عليه.
  • النمط المتسيب: وفيه يخوَل سلطة صنع القرار للمجموعة ويكتفي بإعطاء إرشادات وتوجيهات وبعد ذلك يتدخل عندما يطلب منه فقط.

ب- نموذج تننبوم وشمت: ويسمى (نظرية الخط المستمر في القيادة)، ويشتمل على سبعة أنماط قيادية هي:

  • يتخذ القرار بشكل أوامر على المرؤوسين تنفيذها.
  • يتخذ القرار لوحده ويبرره للمرؤوسين.
  • يحاور المرؤوسين بشأن القرار ولا يلتزم بتنفيذ اقتراحاتهم.
  • يستشير المرؤوسين بشأن القرار وقد ينفذ بعض مقترحاتهم.
  • تتم مناقشة القرار بجو ديمقراطي ويتخذ القرار بناء على رأي الأغلبية.
  • يصدر توجيهات بشأن القرار للمرؤوسين ويتركهم يتخذون القرار بأنفسهم.
  • يعطي الحرية الكاملة للمرؤوسين بشأن اتخاذ القرار حيث يتخذون القرار بأنفسهم.

جـ – نموذج ليكرت: حيث قسم القيادة إلى أربع فئات هي:

  • المتسلط الاستغلالي: يتخذ القرار ويلزم المرؤوسين بتنفيذه.
  • المتسلط النفعي: يحاور المرؤوسين بموضوع القرار ثم يتخذه بنفسه.
  • الاستشاري: يستشير مرؤوسيه بأمور القرار ويسمح بمشاركتهم في بعض جوانب القرار.
  • الجماعي/المشارك: تتم مشاركة المرؤوسين في صنع القرار الذي يتخذ بالأغلبية، وقد دعا ليكرت لاستخدام هذا الأسلوب القيادي لاعتقاده بفعاليته، وذلك لإن الإدارة الوسطى همزة الوصل بين الإدارتين العليا و الدنيا في مجال صنع القرار.

2) أنماط تعتمد على افتراضات القائد: ومنها

أ‌- نموذج مكريجور:

  • نظرية (X): يفترض القائد فيها أن العامل لا يرغب في العمل ويتهرب منه ولذلك يجب إجباره عليه، ويجب توجيهه ومراقبته ومعاقبته إذا خالف التعليمات.
  • نظرية (Y): يفترض القائد فيها أن المرؤوس لا يكره العمل إلا بسبب عوامل خارجية، ويتمتع المرؤوس برقابة ذاتية ويمكن توجيهه بأساليب غير الرقابة والتهديد، وتحفيزه بأساليب كثيرة مثل: التفويض وزيادة حريته، الإثراء الوظيفي، التوسع الوظيفي، المشاركة في صنع القرار، ويفترض في الفرد أنه قادر على الإبداع.

ب – نموذج أوشي (نظرية Z): ويفترض (أوشي) أن الفرد الأمريكي يختلف في ثقافته عن الفرد الياباني، وحتى يتم الاستفادة من الأساليب القيادية اليابانية حاول (أوشي) تعديل هذه الأساليب لتناسب الثقافة الأمريكية، فعلى سبيل المثال الممارسات اليابانية التالية:

القرار بالإجماع، أسلوب جمع المعلومات من أسفل لأعلى، المسؤولية الاجتماعية، التنظيم غير الرسمي يجب أن تمارس في المؤسسات الأمريكية على الشكل التالي: القرار بالأغلبية، حرية انسياب المعلومات ويغلب عليها من أعلى لأسفل، المسؤولية الجماعية والفردية معا، التنظيم الرسمي والبيروقراطي مصحوبا بشبكة من العلاقات غير الرسمية ومحاولة ترسيخ الثقة والاحترام المتبادل.

3) أنماط تعتمد على اهتمامات القائد بالإنتاج والأفراد معا: كنموذج بليك وموتون (نظرية الشبكة الإدارية) – سيتم شرحها بشكل مفصل –

رابعا: النظريات الموقفية في القيادة

يقول أصحاب هذه النظريات ومؤيدوها بأن الفعالية القيادية لا يمكن أن تعزى لنمط قيادي محدد، فالموقف الذي يتواجد فيه القائد هو الذي يحدد فعالية القائد. ومن هذه النظريات:

1) نموذج فيدلر: في هذا النموذج لابد من قياس أمرين هما:

الأمر الأول: وصف القائد لمرؤوسه الأقل تفضيلا عنده، فقد يصفه القائد بأنه جيد وعندها نقول أن القائد يهتم بالمرؤوسين، وإن وصفه بأنه غير جيد نقول إن القائد يركز على المهام، وقد يهتم بهما بشكل متوسط (وقد شكك الباحثين بصدق هذا المقياس).

الأمر الثاني: الموقف القيادي ويقاس من خلال الأبعاد الثلاثة التالية مرتبة حسب أهميتها:

  • علاقة القائد بمرؤوسيه: جيدة (ج) أو سيئة (س)
  • هيكلة المهام: قد تكون مهيكلة (م) أو غير مهيكلة (غ)
  • قوة القائد: قد يكون قويا (ق) أو ضعيفا (ض)

وينشأ من هذه الأبعاد ثمانية مواقف قيادية تحدد درجة سلطة القائد ففي أحد المواقف (س، غ، ص) تكون سلطة القائد قليلة ويلزمه التركيز على المهام، وفي المواقف الأربعة التالية: (س، غ، ق)، (س، م، ض)، (س، م، ق)، (ج، غ، ض) تكون سلطة القائد معتدلة ويلزمها قائد يهتم بالعلاقات الإنسانية.

وفي المواقف الثلاثة الباقية: (ج، غ، ق)، (ج، م، ض)، (ج، م، ق) تكون سلطة القائد قوية، ويلزمها قائد يركز على المهام والعلاقات الإنسانية.

2 ) نموذج هاوس و إيفانس:  أطلقا عليه (المسار و الهدف)، وبينا أن المهمة الأساسية للقائد هي توضيح الأهداف للمرؤوسين ومساعدتهم لتحقيقها بأفضل الطرق بالاعتماد على نظرية التوقع و نظريات الحفز أما العوامل الظرفية في هذا النموذج فهي:

  • بيئة العمل:  المهمة، نظام المكافآت، والعلاقة بالزملاء.
  • صفات العاملين:  حاجاتهم ، الثقة بالنفس وقدراتهم.

أما الأساليب القيادية التي يمكن للقائد استخدامها في ظل هذه الظروف فهي :

  • المساند:  يهتم بحاجات المرؤوسين و راحتهم و يخلق جو عمل مريح لهم.
  • المشارك:  يعطي المرؤوسين المجال للمشاركة في صنع القرار.
  • الإجرائي:  يزود المرؤوسين بالإجراءات و التعليمات و التوقعات بشكل واضح.
  • الإنجازي أو التحدي:  يضع للمرؤوسين أهدافا تتحدى قدراتهم وتساعد على تطوير أدائهم و تشعرهم بثقة قائدهم بهم.

3 ) نموذج فروم و ياتون: أطلقا عليه (مخطط عملية صنع القرار) وبينا فيه خمسة أساليب لصنع القرار تعتمد على الوضع الذي يمكن تحديده من خلال الإجابة على سبعة أسئلة (بنعم أولا) ،وتتعلق هذه الأسئلة: بنوعية المشكلة ، كفاية المعلومات، هيكلة المشكلة، أهمية قبول القرار من قبل المرؤوسين، مدى قبولهم للقرار الذي يصنعه القائد بنفسه، مدى مشاركة المرؤوسين في تحقيق أهداف المنظمة عند حل هذه المشكلة واحتمال أن يتسبب الحل الأمثل بنزاعات بين المرؤوسين ،أما الأساليب الخمسة لصنع القرار فهي:

  • يصنع القرار لوحده.
  • يصنع القرار لوحده بعد الحصول على المعلومات من المرؤوسين.
  • يصنع القرار لوحده بعد أن يسمع وجهات نظر العاملين فرادى.
  • يصنع القرار لوحده بعد أن يسمع وجهات نظر العاملين كمجموعة.
  • يصنع القرار بشكل جماعي مشارك.

4 ) نظرية الشبكة الإدارية  (The managerial Grid Theory)

استطاع روبرت بلاك و جين موتون في عام 1964م تصنيف السلوك القيادي في خمس مجموعات أساسية، وتعكس هذه النظرية درجة اهتمام القادة في كل منها ببعدين أساسين هما:

  1. درجة الاهتمام بالإنتاج (المهمة)
  2. درجة الاهتمام بالأفراد (العلاقات)

A close up of text on a white background

Description automatically generated

شكل(1): نموذج الشبكة الإدارية ويبين الأنماط القيادية الخمسة التي تضمنتها الشبكة الإدارية في نموذج بليك وموتون

يلاحظ من الشكل السابق أن البعد الأفقي لها يعبر عن بعد الإهتمام بالإنتاج ،بينما البعد الرأسي عن بعد الإهتمام بالأفراد (العاملين)، كذلك يلاحظ تحديد كل من بليك و موتون لخمسة أنماط إدارية (1/1 – 9/1 – 1/9 – 5/5 – 9/9) يعبر كل منهم عن درجات مختلفة من الإهتمام بكل من البعدين ،بحيث يعبر الرقم الأول(من اليسار) عن درجة الإهتمام التي توليها الإدارة للأفراد ،بينما يعبر الرقم الثاني عن درجة إهتمامها بالإنتاج فمثلا النمط (1/9) يعبرعن درجة منخفضة جدا للإهتمام بالإنتاج (1) و درجة مرتفعة جدا للإهتمام بالأفراد (9).

ومن هذه الأنماط القيادية (الغمري، 1979، ص ص 160- 162):

1. النمط (1/1) الإدارة السلبية (المتساهلة)(Impoverished Management):

إن هذا النمط من القادة الإداريين يولون اهتماما ضئيلا جدا للأفراد والإنتاج على حد سواء وبالتالي فالنتيجة المتوقعة لمثل أولئك القادة هي عدم تحقيقهم لأي أهداف إنتاجية وعدم تحقيق أي درجة معقولة من الرضا الوظيفي بين العاملين في وحداتهم التنظيمية وينعكس ذلك بطبيعة الحال على علاقات العمل حيث تسودها الصراعات و الخلافات المستمرة.

2. النمط (9/1) الإدارة العلمية (السلطوية)(Scientific Management):

يعبر هذا النمط عن اهتمام كبير بالإنتاج وبتحقيق النتائج العالية حتى ولو تم ذلك على حساب العاملين حيث يقل الاهتمام بهم إلى درجة كبيرة (1) ، ويعكس هذا النمط الإداري المبادئ التي نادى بها فردريك تايلور في نظريته ((الإدارة العلمية)) ،ويؤمن القادة الإداريين بوجوب استخدام السلطة مع المرؤوسين لإنجاز العمل و أهمية فرض أساليب الرقابة الدقيقة على أعمالهم ،ودائما ما يضعون تحقيق النتائج و كأنه الهدف الوحيد الذي يسعون إليه حتى ولو تم ذلك على حساب العاملين ومشاعرهم.

3. النمط (1/9) الإدارة الاجتماعية (Social Club Management):

يعكس هذا النمط الإداري اهتماما كبيرا بالعنصر الإنساني ويتم ذلك أحيانا على حساب تحقيقهم للأهداف الإنتاجية المطالبين بتحقيقها ، وكثيرا ما يتمادى هؤلاء القادة في تقدير أهمية مراعاة العلاقات الإنسانية فيسعون بشتى الطرق للقضاء على أي مظاهر قد تنتج عنها خلافات بين العاملين حتى ولو كان ذلك على حساب الإنتاج.

4. النمط (5/5) الإدارة المتأرجحة (Pendulum Management):

يشبه هذا النمط الإداري ببندول الساعة الذي يستمر في التأرجح بين طرفي المدى الذي يتحرك فيه ولا يثبت عند وضع معين ، ففي بعض المواقف يلجأ القادة المنتمون لهذا النمط إلى أسلوب (1/9) وذلك عندما يشعرون باحتمال مواجهتهم للمتاعب من جانب العاملين ،ولكن إذا هدأت حالة العمال قد يلجؤون إلى النمط (9/1) فيضغطون على العاملين من أجل الإنتاج ،وكثيرا ما يؤمن هؤلاء القادة بأسلوب منتصف الطريق.

5. النمط (9/9) الإدارة الجماعية(إدارة الفريق) (Team Management):

إن القادة الذين ينتمون إلى هذا النمط الإداري يولون عناية فائقة و اهتماما كبيرا لكل من بعدي الإنتاج و العاملين ، فمثلا هؤلاء القادة يؤمنون بأن العمل الجماعي يعبر عن الركيزة الأساسية اللازمة لتحقيق الأهداف الإنتاجية الطموحة ،وينبني ذلك على إيمان عميق بأهمية العنصر البشري و إشباع الحاجات الإنسانية لدى هؤلاء القادة وبالتالي يحققون مفاهيم المشاركة الفعالة للمرؤوسين في تحديد الأهداف واختيار أساليب التنفيذ والمتابعة اللازمة للأهداف المطلوب تحقيقها.

وبمثل هذا الأسلوب القيادي تسود الجماعة روح الفريق و مفاهيم التعاون الخلاقة وتسود علاقات الإخاء و الود بين القائد و المرؤوسين ، وبين المرؤوسين وبعضهم البعض.

و في نهاية الثمانينيات قام كلا من بليك و مكانزي بتطوير نظرية الشبكة الإدارية ،وأضافا نمطان مركَبان هما (الفياض،1995،ص ص39-40):

6. الإدارة الأبوية (9+9):

يتكون هذا النمط من مزيج من النمطين (إدارة النادي، الإدارة السلطوية) ،ويرمز له (9+9)  باستخدام إشارة (+) لتمييزه عن إدارة الفريق (9/9) ،وفيه يستخدم القائد الجانب اللين من (1/9) مع الجانب القاسي من (9/1) معا ،فتجمع بين نقيضين هما الاهتمام بالإنتاج على حساب الأفراد والاهتمام بالأفراد على حساب الإنتاج ،فالقائد هنا كالأب الذي يعطف على أولاده ولكنه صارما معهم بحيث يأمرهم ويطلب منهم الإذعان ،فهو يعتبرهم أقل منه معرفة و إدراكا للأمور.

7. الإدارة المتقلبة:

تتكون هذه الإدارة من مزيج من الأنماط الستة السابقة ، حيث يستخدم القائد أحد الأنماط الستة أو مزيج منها ،مما يناسب طبيعة المرؤوسين ويساعد القائد في الحصول على المنفعة الشخصية التي ربما يهدف إليها ،ويمكن لهذا القائد أن يهدد المرؤوس أو يقدم له منفعة شخصية بالمقابل أو يستغله و يضلله.


المراجع:

أولا : المراجع العربية

  1. عليوه ، السيد (2001) ، تنمية المهارات القيادية للمديرين الجدد ، الطبعة الاولى ، دار السماح ، القاهرة .
  2. كلالدة ، ظاهر (1997) ، الاتجاهات الحديثة في القيادة الادارية .
  3. الغمري ، ابراهيم (1979) ، الافراد والسلوك التنظيمي ، دار الجامعات المصرية ، القاهرة .
  4. الفياض ، محمود (1995) ، “اثر النمط القيادي على الابداع الاداري للشركات الصناعية المساهمة العامة الاردنية” ، رسالة ماجستير في الجامعة الاردنية .

ثانيا : المراجع الأجنبية

  1. برانت وسورتشر (2002) ، “تدريب القيادات الادارية” ، مساعد الفريان ، الادارة العامة ، المجلد 42 ، العدد 3 .
  2. كوكس وهوفر (1998) ، القيادة في الأزمات ، هاني خلجة وريم سرطاوي ، الطبعة الاولى ، بيت الافكار الدولية ، نيويورك .

محمد مقبل