مقالة
0
أقسام رئيسية
0
أقسام فرعية
0

حمزة الحمزاوي

10 يناير 2002

(اعرف ابنك.. اكتشف كنوزه.. استثمرها)

الموهبة والإبداع عطيَّة الله تعالى لجُلِّ الناس، وبِذرةٌ كامنةٌ مودعة في الأعماق؛ تنمو وتثمرُ أو تذبل وتموت، كلٌّ حسب بيئته الثقافية ووسطه الاجتماعي.

ووفقاً لأحدث الدراسات تبيَّن أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة من أعمارهم نحو 90%، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10%، وما إن يصلوا السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط. مما يشير إلى أن أنظمةَ التعليم والأعرافَ الاجتماعيةَ تعمل عملها في إجهاض المواهب وطمس معالمها، مع أنها كانت قادرةً على الحفاظ عليها، بل تطويرها وتنميتها.

فنحن نؤمن أن لكلِّ طفلٍ ميزةً تُميِّزه عن الآخرين، كما نؤمن أن هذا التميُّزَ نتيجةُ تفاعُلٍ (لا واعٍ) بين البيئة وعوامل الوراثة.

ومما لاشكَّ فيه أن كل أسرة تحبُّ لأبنائها الإبداع والتفوُّق والتميُّز لتفخر بهم وبإبداعاتهم، ولكنَّ المحبةَ شيءٌ والإرادة شيءٌ آخر. فالإرادةُ تحتاج إلى معرفة كاشفةٍ، وبصيرة نافذةٍ، وقدرة واعية، لتربيةِ الإبداع والتميُّز، وتعزيز المواهب وترشيدها في حدود الإمكانات المتاحة، وعدم التقاعس بحجَّة الظروف الاجتماعية والحالة الاقتصادية المالية.. ونحو هذا، فـرُبَّ كلمـة طيبـةٍ صادقــة، وابتسامة عذبةٍ رقيقة، تصنع (الأعاجيب) في أحاسيس الطفل ومشاعره، وتكون سبباً في تفوُّقه وإبداعه.

وهذه الحقيقة يدعمها الواقع ودراساتُ المتخصِّصين، التي تُجمع على أن معظم العباقرة والمخترعين والقادة الموهوبين نشأوا وترعرعوا في بيئاتٍ فقيرة وإمكانات متواضعة.

ونلفت نظر السادة المربين إلى مجموعة (نِقاط) يحسن التنبُّه لها كمقترحات عملية:

1. ضبط اللسان: ولا سيَّما في ساعات الغضب والانزعاج، فالأب والمربي قدوة للطفل، فيحسنُ أن يقوده إلى التأسِّي بأحسن خُلُقٍ وأكرم هَدْيٍ. فإن أحسنَ المربي وتفهَّم وعزَّز سما، وتبعه الطفل بالسُّمُو، وإن أساء وأهمل وشتم دنيَ، وخسر طفلَه وضيَّعه.

2. الضَّبط السلوكي: وقوع الخطأ لا يعني أنَّ الخاطئ أحمقٌ أو مغفَّل، فـ “كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء”، ولابد أن يقع الطفل في أخطاءٍ عديدة، لذلك علينا أن نتوجَّه إلى نقد الفعل الخاطئ والسلوك الشاذ، لا نقدِ الطفل وتحطيم شخصيته. فلو تصرَّف الطفلُ تصرُّفاً سيِّئاً نقول له: هذا الفعل سيِّئ، وأنت طفل مهذَّب جيِّد لا يحسُنُ بكَ هذا السُّلوك. ولا يجوز أبداً أن نقول له: أنت طفل سيِّئٌ، غبيٌّ، أحمق … إلخ.

3. تنظيم المواهب: قد يبدو في الطفل علاماتُ تميُّز مختلِفة، وكثيرٌ من المواهب والسِّمات، فيجدُر بالمربِّي التركيز على الأهم والأَوْلى وما يميل إليه الطفل أكثر، لتفعيله وتنشيطه، من غير تقييده برغبة المربي الخاصة.

4. اللقب الإيجابي: حاول أن تدعم طفلك بلقب يُناسب هوايته وتميُّزه، ليبقى هذا اللقب علامةً للطفل، ووسيلةَ تذكيرٍ له ولمربِّيه على خصوصيته التي يجب أن يتعهَّدها دائماً بالتزكية والتطوير، مثل: عبقري، نبيه، دكتور، النجار الماهر، مُصلح، فهيم.

5. التأهيل العلمي: لابد من دعم الموهبة بالمعرفة، وذلك بالإفادة من أصحاب الخبرات والمهن، وبالمطالعة الجادة الواعية، والتحصيل العلمي المدرسي والجامعي، وعن طريق الدورات التخصصية.

6. امتهان الهواية: أمر حسن أن يمتهن الطفل مهنة توافق هوايته وميوله في فترات العطل والإجازات، فإن ذلك أدعى للتفوق فيها والإبداع، مع صقل الموهبة والارتقاء بها من خلال الممارسة العملية.

7. قصص الموهوبين: من وسائل التعزيز والتحفيز: ذكر قصص السابقين من الموهوبين والمتفوقين، والأسباب التي أوصلتهم إلى العَلياء والقِمَم، وتحبيب شخصياتهم إلى الطفل ليتَّخذهم مثلاً وقدوة، وذلك باقتناء الكتب، أو إطلاعهم على تسجيلات صوتية أو مرئية عنهم.

مع الانتباه إلى مسألة مهمة، وهي: جعلُ هؤلاء القدوة بوابةً نحو مزيد من التقدم والإبداع وإضافة الجديد، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ما حقَّقوه ووصلوا إليه.

8. المعارض: ومن وسائل التعزيز والتشجيع: الاحتفاءُ بالطفل المبدع وبنتاجه، وذلك بعرض ما يبدعه في مكانٍ واضحٍ أو بتخصيص مكتبة خاصة لأعماله وإنتاجه، وكذا بإقامة معرض لإبداعاته يُدعى إليه الأقرباء والأصدقاء في منزل الطفل، أو في منزل الأسرة الكبيرة، أو في قاعة المدرسة.

9. التواصل مع المدرسة: يحسُنُ بالمربي التواصل مع مدرسة طفله المبدع المتميِّز، إدارةً ومدرسين، وتنبيههم على خصائص طفله المبدع، ليجري التعاون بين المنزل والمدرسة في رعاية مواهبه والسمو بها.

10. المكتبة وخزانة الألعاب: الحرص على اقتناء الكتب المفيدة والقصص النافعة ذات الطابع الابتكاري والتحريضي، المرفق بدفاتر للتلوين وجداول للعمل، وكذلك مجموعات اللواصق ونحوها، مع الحرص على الألعاب ذات الطابع الذهني أو الفكري، فضلاً عن المكتبة الإلكترونية التي تحوي هذا وذاك، من غير أن ننسى أهمية المكتبة السمعية والمرئية، التي باتت أكثر تشويقاً وأرسخ فائدة من غيرها.

وبعدُ؛ فهذا جدول بسيط مقتبس من كتاب “هوايتي المفيدة“، ما هو إلا علاماتٌ تذكِّر المربِّين بأهم الهوايات التي يجدُرُ بهم البحثُ عنها في ميولِ أبنائهم وتحبيبُها إليهم، وحثُّهم على تعزيزها وتعهُّدها بالتزكية والرِّعاية، وتوجيهها الوجهةَ الصحيحة المَرْضِيَّة .

هـوايـات فـكريـة – ذهنيــةالقراءة والمطالعة (مرئية – سمعية – حاسوبيةإنترنت)
فهم أمهات العلوم الدينية والدنيوية فضلاً عن حفظ القرآن الكريم وسلسلة الأحاديث الصحيحة ما أمكن.
التدرب على الكتابة والتأليف والجمع لشتى أنواع الفنون والآداب (قصة ـ شعر ـ مقال …)
التدرب على استخدام الحاسوب واستثماره بالبرمجة واستخدام البرامج وترشيدها.
تعلم اللغات الأجنبية المختلفة وتعرف اللهجات المختلفة (العلمية والمحلية)
الصحافة ورصد الأحداث ومراسلة المجلات والصحف.
المراسلة وتبادل الخواطر والأفكار (كتابية وإلكترونية)
جمع الطوابع والانتساب إلى النوادي المهتمة بذلك.
جمع العملات القديمة والأجنبية.
جمع الصور المفيدة وقصها من المجلات والصحف القديمة وتصنيفها (سيارات – حيوانات …. إلخ)
التدرب على الخطابة والإلقاء المؤثر.
هوايـات حســية – حـركيـةالرياضة البدنية بأنواعها فضلاً عن الرياضات التأملية والذهنية.
زيارة المتاحف بأنواعها
زيارة الآثار والمواقع الهامة داخل البلدة وخارجها فضلاً عن زيارة الأحياء القديمة.
الرحلات الترفيهية والاستكشافية
المعسكرات الكشفية.
مراقبة النجوم واستكشاف الفضاء.
تربية الحيوانات الأليفة المنزلية ـ والريفية (طيور ـ سمك زينة ـ دواجن … )
الزراعة وتعهد النباتات بالسقي والرعاية.
التجارب الكيماوية والفيزيائية وكذلك الكهربائية والإلكترونية.
جمع الحشرات والأصداف وتصنيفها في مصنَّفات خاصة بعلوم الأحياء.
التمريض ومساعدة الناس والانتماء للجمعيات الخيرية أو مراكز الهلال الأحمر.
هوايـات فنيَّــة – مِهَنيــَّةتعلم فنون الخط العربي والزخرفة.
تعلم الرسم والتلوين بأنواعه.
التصوير الضوئي والتلفازي.
الخياطة وتصميم الأزياء وفنون الحياكة النِّسْوية.
الإنشاد.. والتلحين.
صناعة الأزهار (بلاستيك ـ قُماش ـ سيراميك)
صناعة الدُّمى والألعاب المختلفة.
صناعة الحَلْوَيات والضيافات وابتكار أكلات جديدة.
النِّجارة وصناعة الأثاث نماذج مصغَّرة أو حقيقية.

هذا الجدول عبارة عن غيض من فيض من الهوايات التي تدل على ميول الأطفال، ويجدر بالسادة المربين الجلوس مع أبنائهم الأحباء، وعرض هذه الهوايات عليهم، والتعرف بما يحبون وما يرغبون، ووضع إشارة على كل هواية يريدونها، ثم يحاولون أن يرسموا خطة عملية لتنمية هذه الموهبة وفقاً للمقترحات العشرة آنفة الذكر، ومراعاة الفقرة (3-  تنظيم المواهب).

والله نسأل أن يوفقنا وإياكم لما فيه مصلحة العباد، ويعيننا على التربية المثلى للأبناء.

والله الموفق.

حمزة الحمزاوي