مقالة
0
أقسام رئيسية
0
أقسام فرعية
0

إسماعيل رفندي

24 سبتمبر 2005

الشخصية المتوازنة

شخصية الإنسان متأثرة بأركانها الأساسية ( من الروح ، والنفس ، والعقل ) سلباً وإيجاباً ، فأي خلل في الأركان الثلاثة يؤدي إلى ضعف ملحوظ في جانب من جوانب الشخصية ، وذلك حسب المرحلة العمرية ، ومستوى الإدراك والاستعاب والبيئة المحيطة والأصول الفكرية والثقافية . لذا ترى أن الدراسات والعلوم النفسية والاجتماعية والتربوية والإدارية كثيراً ما تتحدث حول هذه الجوانب من الشخصية ويعطيها شيئاً من الأصول العلمية والشرعية . وتدرس الشخصية بكل أنماطها وخصائصها وضعفها وقوتها للوصول إلى بيان شاف حول تأخر الفرد وارتقائه.

والشخصية المتوازنة من تلك الشخصيات الإيجابية والمقبولة عند الله وعند الناس ، فلا بد للمسلم الواعي أن يتحلى بصفاتها ويلتزم بقوالبها ويتقدم نحوها .

خصائص الشخصية المتوازنة:

1) التفاعل المتوازن :

وذلك حسب الشروط والضوابط لأن هناك أوقات أو أحداث أو مواقف يتفاعل المرء بعيداً عن التوازن ، ويقع في شباك التهور والاستعجال ، فيتأصل السلبية في ذاتيته . لذا لابد من تفاعل الشخص المتوازن حسب الظروف والواقع ودرجة الحاجة ونوعية الموضوع، سواءً كان في مجال من مجالات الحياة أو مع الأشخاص والأشياء . وذلك وفق الأمثلة التالية :

  • حين اختلاط الأمور وغموض المفاهيم .
  • البدء بالتنفيذ.
  • الجذب بين أمرين وتفاعل المرء بين واجبين .
  • وفي حالات المنافسة والصراع.
  • في مواجهة الصعاب والمواقف الحرجة .

هذه الحالات كأمثلة على كثير من المجالات تطلب من الشخص أن يكون متوازناً في تفاعله وتصرفه .

2) الإنتاجية :

وهي الشخصية المنتجة لأنها يتحرك حسب القوانين وسنن الحياة ويستخدم كافة عوامل الخير في ذاتيته في سبيل الوصول إلى أهدافها السامية .والإنتاج يأتي حسب المطالب والغايات ووفقها يتحرك المرء وينتج ، سواءً كان في ميدان مادي أو اجتماعي أو سياسي .. .. الخ والأحسن أن يتحرك حسب فقه الأولويات والموازنات .

3) المرونة :

اضافة الى ان المرونة من الصفات الجذابة وهي أيضاً تأتي بمثابة أرضية للصفاة الأخرى ، لأنها تعطي الشخصية مفاتيح التحكم في أنواع من أساليب التعامل والتفاعل ، وبامتلاك هذه الصفة يتمتع الشخصية بالقدرات التالية :

  • القدرة على التكيف والتأقلم .
  • القدرة على التخطيط الواقعي الناجح .
  • القدرة على التعامل في كافة الظروف ومع مختلف النفسيات .
  • القدرة على التغيير الإيجابي .
  • القدرة على مواجهة الصدمات والمفاجآت .
  • القدرة على التحول في مجالات العمل .
  • القدرة على التحكم في الوسائل والأساليب .

4) استثمار التجارب الذاتية والاستفادة من تجارب الاخرين :

وهذه مسألة متبعة في حياة الشخصيات الناجحة والمبدعة حيث يستفيدون من كل ما يسمعون ويقرأون ويرون ، وكذلك يستثمرون ما عندهم من تجارب وقدرات ناجحة في مجالات مختلفة من الحياة . وتأتي التجارب حسب اهتمامات الشخصية وحسب الواقع والظروف . فالشخصية المتوازنة يستفيد في كافة الميادين حسب ضرورات الحياة :

  • من حلول للمشاكل ،
  • وإنجاح المشاريع ،
  • وتسهيل الأمور ،
  • وأساليب التعامل ،
  • ونوعية العلاقات.

و أيضاً الاستفادة من التجارب مسألة واضحة ومتبعة في المنهج الإسلامي الرباني بمصدريه الكتاب والسنة . حيث يعلمنا القرآن باستمرار أن ندرس ونعتبر ونستفيد من تجارب الرسل عليهم الصلاة والسلام وتجارب الأمم ممن كان قبلنا (  وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ) سورة هود ( لقد كان في قصصهم عبرة الأولى الباب ) . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يضرب الامثال ويتحدث عن الذين كانوا قبلنا سواء كان للاقتداء أو للعبرة مثل ثلاث الذين دخلوا الغار، أو حتى الرسول نفسه كان يستثمر ويستفيد من تجارب واقعه ومسألة تلقيح الاشجار معروفة في السيرة النبوية . عموماً هذه مسألة مقبولة ومؤيدة من قبل الدين الحنيف وكل عقل سوي ناضج .

والشخصية المتوازنة يستفيد من هذه المسائل بشكل متوازن ويتعامل معهما أيضاً بالتوازن دون فراط وتفريط أو تعصب لمسألة ما .

5) التفاعل الاجتماعي :

لا همة الصفة لا بد من الاهتمام الخاص والمتميز بها لان الإنسان اجتماعي بالطبع أو أن الطبيعة الاجتماعية يعطي للإنسان صفة العقلانية والروحية وموازين النفسانية وكيفية التعامل مع بني جلدته ، لذا لابد من التعامل حسب الواقع والمطلوب شرعاً وإنسانياً . ونستطيع أن نقول بأن الصفة الاجتماعية صفة جامعة لأكثر من ميادين الحياة و في كثير من الأحيان هي الأساس وهي المغناطيس العملاق للتجمع والانسجام والتقارب . ولهذا لابد للشخص الواعي أن يتفاعل مع قوانين هذه الصفة ومع هذا العامل الأساسي للقبول والتأثير . ولتسهيل عملية هضم هذا التوجه نقول أن الأسس المتينة في هذا الميدان :

  • الشعور بالانتماء الاجتماعي .
  • الاهتمام المتوازن بدائرة العواطف .
  • القيام بالواجبات الاجتماعية .
  • عدم هضم حقوق الحياة الاجتماعية بحجج المشاكل الجانبية .
  • تقسيم الدوائر الاجتماعية من الأقرب إلى الأبعد وفق تخطيط متوازن .
  • الصبر على المشاكل الاجتماعية وذلك بروحانية عالية وتفاهم واقعي .

6) التوازن بين مجالات الحياة :

لا شك أن كل منا يرتبط بالحياة بارتباطات عده ومجالات عديدة، فالعاقل المنظم هو الذي يفوز بالتوازن الدقيق والمستمر بين كافة المجالات والاهتمامات، وذلك بنسب متوازنة، أي ليس من المهم أن يتساوى النسب ولكن من المهم الاهتمام الجدي بالنسب المتخصصة في أي مجال من مجالات الحياة. على سبيل المثال: يمكن للتاجر أن يعطي 50% من وقته واهتمامه لمجاله التجاري والاقتصادي ولا يعطي لمجال الثقافة والمعرفة 10% ولكن مثل ما ذكرنا بالتزام الجدي والدقيق على استثمار كل نسبة، سيأتي النتائج موفقة و جيدة. وهكذا بالنسبة لكل المجالات. وأعتقد أن المجالات الرئيسية في الحياة تدور حول البرامج التالية وليس على سبيل الحصر:

  • برامج التربية الذاتية الشاملة من التثقيف ـ والتزكية ـ والتربية النفسية .. .. .. الخ .
  • برامج ومشاريع المعيشة والكسب الحلال.
  • الوعي المطلوب في عالم السياسة والدعوة ومخططات الإعداد.
  • البرامج الاجتماعية وذلك بين الحياة الأسرية والعلاقات مع الآخرين.

مع اختلاف للمكانة الاجتماعية والمرحلة العمرية والاهتمامات المرحلية لكل جنس حسب ظروفه.

الشخصية الانطوائية

تعريفها:

هذه الشخصية متقوقعة ومنطوية على نفسها، وفي أكثر الاحيان يعيش في عالمها الخاص بطبعتها، حتى إن كان معها شيئاً من الإيجابية فهي تقع في دائرتها أو مبدعة فإبداعها مطعمة بصفاتها لذا فهي عائقة في طريق تقدمها

صفاتها:

  1. عدم القدرة على إيجاد العلاقات الناجحة مع من حولها.
  2. عدم القدرة على المخالطة الإيجابية أو عدم القدرة على الاستمرارية في المخالطة والعلاقات.
  3. عدم القدرة على الانسجام والاقتراب أو الانتماء مع مجاميع إنسانية ضرورية (كالعائلة الكبيرة أو الشريحة المهنية).
  4. غريب بتصور الآخرين وبعيدا بعدم واقعتها.
  5. عدم القدرة على التربية الذاتية بسبب انطباعاتها الخاصة بها.
  6. وهي باردة الاعصاب تجاه تحمسن و عواطف الآخرين.
  7. لا يستجيب عاطفيا لأصدقائها ولمن حولها إلا لمن يتحملها وفيها بعض الصفات المشابهة.
  8. عدم تحمل النقد والنصيحة والتصحيح.
  9. فهي صعبة الانقياد بسبب خصوصياتها المتطبعة في ذاتها.
  10. تحب الاحترام والتقدير لذاتها مع انها لا يراعي للآخرين حقوقهم.
  11. مشاركاتها ضعيفة في افراح الآخرين واحزانهم
  12. يتلذذ بتصرفاتها و اساليبها الخاصة.
  13. فهي في أكثر الاحيان صديق لنفسها لذا فاهتماماتها كلهما فردية.

 

كيفية التصحيح والمعالجة:

  • محاولة ذوبانها وانصهارها في الدوائر الاجتماعية
  • عدم الالحاح في دفعها للاختلاط الاّ باقتناعها، لان التي لا تقدر ذلك يصاب بعقد نفسية
  • مساعدتها بروية لاكتساب مهارات تخرجها من عالمها الخاص
  • محاولة توضيح إيجابياتها ودعم عوامل النجاح فيها.
  • اختيار الوظائف والاعمال والوسائل التي يلائمها لاستثمار جهودها
  • محاولة استدراجها و إقناعها بحكمة ومرونة من طريق من يعالجها من اصدقائها نحو الاختلاط والإيجابية الاجتماعية.

 

وعلى الابوين الحذر من هذه الصفة منذ الطفولة حتى لا يحتاج الى معالجتها.

للتعرف على أنواع أخرى من الشخصيات، يمكنكم الاطلاع على مقالنا الآخر بعنوان: الشخصية.. بين الإيجابية والسلبية.

إسماعيل رفندي