عبد الله المهيري
8 أبريل 2002
في الفترة الماضية عانيت من مواقف كادت أن تقتلني من القهر، وكلها مرتبطة بسبب واحد يخصنا نحن العرب فقط! والقصة يا سادة أنني واجهت أكثر من موقف يحصل فيه أن أتفق على موعد محدد مع صديق، لأجل عمل أو واجب يجب علي إنهائه، أو حتى للتسوق والزيارة، فأحدد ساعة محددة، وعندما أتفق على هذه الساعة فإن من عادتي أن أكون جاهزاً قبل هذا الوقت المحدد بفترة كافية، ثم أنتظر من واعدته أن يتصل أو يصل، لكن العادة عند العرب هي التأخير.
وكما قال أحد الممثلين في مسرحية له: نحن جاهزون لعرض المسرحية، لكننا تعمدنا التأخير عشر دقائق حتى نثبت لكم أننا عرب! والناس تقول: مواعيد عرب! أو يكتفون بقولهم بو عرب! وكأن عدم احترام المواعيد ارتبط بنا نحن العرب فقط، وهذا ما ترسخ لدى غيرنا من الشعوب، فلو قرأت ما يكتبون في مواقعهم على الإنترنت أو في كتبهم وصحفهم تجد أن الإنسان العربي لديهم كتلة من الفوضى وعدم احترام القانون والمواعيد.
والقوم لم يتجنوا علينا أو يكتبوا ما لم نتصف به، بل هذا واقعنا للأسف، اذهب لأي مصلحة حكومية وقف في الطابور الطويل، وستجد التجاوزات الكثيرة، منها محاولة بعض المراجعين تجاوز الصف بدعوى الاستعجال أو بدعوى حق المواطنة، وستجد أن الموظف نفسه قد ينهي معاملة أحد المراجعين على حساب الآخرين لأن الواسطة تلعب دورها هنا.
ومما يؤكد هذا المفهوم، ما نجده من تأخر عن الموعد المحدد للمحاضرات والندوات والاجتماعات والأمسيات الشعرية والمعارض الفنية والفعاليات الرسمية، وهذا التأخر من الجانبين، الجمهور إذ أنهم لا يحضرون قبل الموعد المحدد، ومن المنظمين لأي فعالية الذين يعاقبون من حضر مبكراً بتأخير الحدث حتى يزداد عدد الحضور.
وفي الجانب الآخر نجد أن الحفلات الفنية والغنائية، ومهرجانات “الهشك بشك” تعلق لافتة كبيرة كتب عليها بخط كبير واضح “المقاعد محجوزة أو اكتمل العدد” وهذا قبل الحفل ربما بساعة أو أكثر، ثم يجلسون لساعات أخرى يتمايلون يمنة ويسرى، ويقفزون ويصرخون وتلتهب أكفهم من التصفيق، وتبح أصواتهم من الصراخ والتشجيع، وهذا ما نجده أيضاً في مباريات كرة القدم، وربما أتبعوا هذه الحفلات والمباريات بما لا يرضاه عاقل أبداً.
والقوم في الغرب والشرق لديهم احترام عجيب للمواعيد والقوانين والطابور!
ولا أدري لماذا نأخذ من عندهم السيئ ونترك ما لديهم من خير، نأخذ فسادهم ونترك صلاحهم، أخذنا منهم الغناء والتكشف وسيئ الأخلاق والتقنيات الحديثة، ولم نأخذ منهم الاستفادة من هذه التقنية بشكل يخدمنا ويزيد من إنتاجيتنا، بل إننا قد نرى مؤسسات مزودة بأحدث التقنيات لكنها مؤسسة تقليدية غير منتجة، ولم نأخذ منهم عاداتهم في التنظيم والإدارة واحترام القوانين.
وفي تاريخنا ما يغنينا عن الأخذ من هؤلاء، إن العربي قديماً يحترم كلمته، وأنا مقتنع بأن أمة العرب أمة كلمة، فهم عند وعودهم ومواثيقهم، وديننا مبني على الكلمة، فعقود والمعاملات تتم عن طريق الكلمة وما توثيق المعاملات إلا تأكيد للكلمة، وديننا حثنا على الالتزام بالمواثيق والعهود والمواعيد، ولكننا ابتعدنا اليوم عن هذه الأصول والنتيجة كما ترون.
عبد الله المهيري