أمل محمد السعدي
8 مارس 2003
تعريف بكتاب: نعم، ولكن …، ليليا كوني دي هان، تعريب الدكتور/ حسين عمران، مكتبة العبيكان، 2003، عدد الصفحات 167.
يركز هذا الكتاب في محتواه على بيان القوة الكامنة في جمل التخاطب اليومي، وكيف يصبح المرء أكثر ثقة من خلال التحدث الواعي.
تقول مؤلفة الكتاب: ” إننا نستخدم في حياتنا الكثير من العبارات المألوفة والمتداولة دون وعي منا والتي تنقل إلى الآخرين شعوراً سلبياً يؤثر في كياننا الذاتي وفي صلتنا الاجتماعية بالآخرين.
ولنضرب مثالاً على مثل هذه العبارات:
(أنا آسف جداً، حانق لأني لا أستطيع الاعتماد عليك)
(صحتي جيدة، ولكن…) (لا أريد أن أسبب لكم ألماً، لكن…..)
(حسناً، غير أنه لم يكن لزاماً عليك إعطائي وعداً بذلك)
كل الكلمات التي وضع تحتها خطاً هي كلمات تتكرر كثيراً أمامنا وتجعل حياتنا صعبة على نحو كبير، ولعل كلمة(لكن) هي أكثر أنواع البكتيريا المنتشرة في وقتنا، لقد استقرت كلمة “لكن” في تفكيرنا وفي اعتقادنا المؤطر ثقافياً، في مجمل تعبيرات حياتنا الفكرية والفنية وتطورت إلى ” فيروس ” لوعينا الذي يعتريه الشلل أو يصاب بالإقصاء، حالما تنشط كلمة ” لكن ” في فكرنا، وذكر أحد الحكماء في معرض قوله عن كلمة لكن: ” إن كل ما يرد قبل كلمة ” لكن ” هو مجرد أكذوبة ” وأن تلغي كلمة ” لكن ” من مخزونك الفظي لا يعني أن يكون لك رأي آخر، بيد أنك حين تتوقف عن وضع هذه الكلمة في مقولاتك أو مقولات غيرك، فإنك ستلاحظ بعد مدة قريبة جداً أنك تتعامل مع نفسك بشكل أكثر انتباهاً، وستتأكد بسرعة أنه ليس من الضروري أن تسفه رأي الآخرين لكي يكون لرأيك الريادة.. ومن الثابت أن رؤيتين توصلان إلى هدف أسمى وبسرعة أكبر من رؤية واحدة.
ولا يعرف الهنود الحمر، حيث أمضيت سنة بين ظهرانيهم كلمة لكن ولكنهم يكررون كلمة ” أيضاً “، حيث تعلمت منهم أن من يؤمن بلكن ويقولها يريد أن يفوز بشيء ما أو أن يتغلب على أحد ما، و أن من يستخدم كلمة أيضاً ويؤمن بها يريد أن يكسب شيئاً إضافياً.
إن من يعبر عن رغبته بعبارة.. ” أريد ثقة أكبر بنفسي ” لن يتحقق له ذلك، لأننا نخدع أنفسنا بكلمة ” أكثر ” فنظن أننا نملك قدراً مما نرغب فيه، وهذا ليس صحيحاً في الغالب، ومن يحمّل نفسه الهموم، يخلق لنفسه المشكلات، وهذه الطريق لن تؤدي إلى أية نتيجة، لأن الذي يحمّل نفسه الهموم، يفكر تفكيراً سلبياً بدلاً من الفعل الايجابي، ويشل نفسه بنفسه، ومن يقل: ” أعتمد عليك في … ” فسيلقى العجب العجاب، لأن ما يفعله في الحقيقة، ليس أكثر من قوله: إنه يتخلى عن نفسه وبخاصة عندما يحتاج إلى نفسه أشد الحاجة “
وإليكم في هذا الكتاب خمسة عشر تعبيراً، من التعابير التي يستخدمها كل شخص في حديثه اليومي بصورة لا شعورية، كيف تؤثر هذه القوى الضمنية علينا وعلى الآخرين ؟ وكيف يمكننا تغييرها بسهولة ؟
ولنأخذ على سبيل المثال لا الحصر حالة الغضب، نرى أن الشخص في حالة الغضب يعبر عن حالته السيئة قائلاً: ” إني غاضب لدرجة فائقة “
إن الإحساس بالغضب لا يأتي من الخارج بل من الداخل، والسبب في غضبنا ليس الحدث الخارجي، بل الحدث الباطني، الذي ينطلق من جرّاء الأسباب الخارجية، ويمكن أن يكون السبب لغضبنا كل واحد أو كل شيء، غير أن أصل الغضب الذي نحس به لا يوجد أبداً في السبب أو الإنسان الذي نحمله مسؤولية غضبنا، إن أصل غضبنا موجود فينا.
ولتلافي هذه الحالة إليك بما يلي:
- اغضب واثبت داخل الموقف وليكن واضحاً لك أنك تُغضب نفسك، فهذا وعي ضروري ولا يجب تخطيه وهي أهم خطوة.
- اسأل نفسك، ما هو السبب الحقيقي الذي ألقى بك إلى هذه الحالة ؟ وأين هو الجزء الخاص بك في إحداث هذا الغضب؟ وما الذي عليك القيام به لاحقاً؟
- توقف مباشرة عن فعل ما يجب عليك فعله بدون وعي، ثم جرب كيف يتلاشى غضبك، حاول عدة مرات بأي وسيلة تريحك دون أن تؤذي نفسك أو الآخرين.
الموقف الثاني: الخطأ ” كان بإمكاني ألا أرتكب هذا الخطأ “
من منا لا يعرف المشاعر التي تعترينا فجأة عندما نرتكب الخطأ، إنها مشاعر الذنب، والخجل وتأنيب الضمير، والشعور بالنقص أو الإخفاق والخشية من الظهور بالغباء والخوف من أن لا نصبح مرغوبين بعد الخطأ ؟ غير أن الذي يؤرقنا في الغالب أكثر من الخوف ذاته هو الخوف من ارتكاب الأخطاء.
وبدلاً من البحث عن السبب العميق الكامن وراء الخطأ لكي نعرف ما الذي نعتقده، نكتفي بالاعتراف أننا قمنا بشيء خاطئ، ثم نقوم بقطع الخطأ كي لا يكون وراءنا شيء مزعج أو مخز أو غير ضروري، ويبدوكما لو أننا نقطع لعبة ما قبيل الهدف كي نحصل على الربح المستحق والأكيد، ويترتب على ذلك أن نبدأ باللعبة دائماً من نقطة الصفر، ونعيد الأخطاء نفسها دائماً لأننا نعتقد الربح.
لذا فإن النصيحة الحقيقة في مثل هذا الموقف، اعرف خطأك حقيقة، تمعن به واسأل نفسك مع إظهار استعدادك أن لا تبقى أسيراً لشعور الذنب واسأل: ما الذي كنت افتقد إليه تحديداً وما الشيء الذي من شأنه أن يحميني من ارتكاب الخطأ ؟ وما الذي سيساعدني في المستقبل كي لا أكرر الخطأ ؟
ستكون الإجابة على الأرجح عن السؤال الأول، ” لقد تغافلت عن سماع صوتي الداخلي ” ” أو لم أعر صوتي الداخلي الاهتمام حقاً “
ومن الرائع أن تستطيع القول في يوم من الأيام عن نفسك ” لا داعي لأن ارتكب الخطأ لأنني لم أعد افتقد الآن لهذا الخطأ أو: ” والآخرون يرتكبون أ خطاء، فقط أنا أمتلك خبرات واسعة في هذا الشأن “
الموقف الثالث: المحاولات: ” حسناً، سأحاول ذلك ”
محاولة شيء ما لا تتعدى كونها مضيعة للوقت، كم مرة حاولت أن تفعل شيئاً أو أن تدعه؟ وكم مرة حاولت أن تغيّر شيئاً، وعلى الرغم من مسعاك أخفقت في محاولاتك ؟ كثيرة هي المرات.. ومهما كان، فلن تغفر لك الأسباب الكثيرة التي اختلقتها شماعة لإخفاقك في محاولاتك، ذلك أن الحقيقة التي يتجاهلها الشخص أنه عندما يحاول يدعي في اللا شعور أنه اتخذ قراراً وهذه ميزة يخدع من خلاله نفسه والآخرين فلا تستغرب بعد ذلك سبب فشلك في محاولاتك. ولتتوضح لك الصورة أكثر إليك هذا المثال:
(سأحاول أن أكون دقيقاً في مواعيدي) (سأحاول أن أقول رأيي بصراحة)
احذف من كل جملة كلمة أحاول وضع بدلاً منها كلمة قررت، وتأمل الفرق !
(قررت أن أكون دقيقاً في مواعيدي) (قررت أن أقول رأيي بصراحة)
ترى أن ما يكون بعيد المنال في ” المحاولة ” أصبح فجأة قريباً للغاية، بحيث يمكن للمرء أن يجربه في نفس اللحظة، وهذا هو مكمن الحقيقة.
أما عن بقية المواقف فهي:
- القرارات ( لا أستطيع ببساطة أن أحسم أمري )
- أعط وخذ ( أعمل وافعل وما الذي نلته من ذلك ؟ )
- المزيد ( أريد مزيداً )
- يجب علي ( لا خيار آخر عندي، يجب على )
- كلاّ (لا أقدر على ذلك ) ( لا أريد ذلك )
- الذنب ( أرجو المعذرة )
- اليقين ” الضمان ” ( هذا سيكون مآله الفشل بالتأكيد )
- الهموم ( أنا مهموم جداً )
- الثقة ( أثق بك فعلاً )
- الوقت ( سأجد ببساطة متسعاً من الوقت لنفسي )
- الأمانة ( أعتمد عليك اعتماداً كلياً )
أمل محمد السعدي